تألق الدكتور سعيد السريحي في المحاضرة التي استضافها فرع جمعية الثقافة والفنون بجدة مساء أول من أمس الثلاثاء تحت عنوان "العلاقة بين الفنون التشكيلية والنقد الأدبي" وشارك فيها الفنان التشكيلي عبدالله إدريس والخطاط إبراهيم العرافي. لكن تألق السريحي لم يكن في نفس مضمون العنوان، العلاقة بين الفنون التشكيلية والنقد الأدبي، حيث فضل الحديث عن تشكيل الحرف العربي وتاريخه وطاقاته الكامنة بصفته جسدا على حد تعبير الفقيه المتصوف شرف الدين أحمد بن علي بن يوسف البوني القرشي المالكي صاحب كتاب شمس المعارف، وهي استكمال لمحاضرة سبق أن ألقاها في الطائف قبل سنوات. واختصر السريحي موضوعه بالحديث عن التشكيل في الحرف العربي متجنبا الخوض في علاقة التشكيل بالنقد الأدبي مبررا ذلك بقوله: إن نظريات النقد الأدبي بالكاد تنهض بأعباء النقد الأدبي فما بالك بالنقد التشكيلي، لذلك سأتحدث عن النقد بشكله العام وعن التشكيل في الخط العربي. وسرد السريحي مقولات المتصوفة، معتبرا أنها من التيارات الثقافة المسكوت عنها التي تزيد تراثنا عمقا وغنى، وقال: لا أتحدث عن الحرف من منظور كلاسيكي، وإنما من نافذة المسكوت عنه، حيث تصبح الحروف أجسادا والتآلف بينها طاقة، مذكرا بما قاله البوني "في البدء كانت النقطة، فسالت فغدت ألفا وكل الحروف هي تبع للألف، فالألف أصل شجرة الحروف وسائر الحروف واقعة فيه"، ثم تساءل إلى أي حد استعادت الحروفية استكناه سر الحرف، فالحروف لها صفات ومعان وأثر. واسترسل السريحي في الإبحار في المرجعيات الصوفية للحروف خاصة عند البوني الذي اعتبره بعضهم ساحرا أكثر منه صوفيا. على الجانب الآخر تعرض الخطاط العرافي للخط العربي وأشهر الخطاطين وأنواع الخطوط وقدم على شاشة العرض نماذج من الخط العربي وتطور أشكاله إلى أن تحول لمجرد أشكال يستخدمها الفنان لإنجاز عمل تشكيلي. وفيما انتظر الحضور أن يفتح باب الحوار مع المحاضرين، استأثر الفنان عبدالله نواوي ببقية الوقت وقدم عرضا مصحوبا بالأناشيد عن إنجازات لجنة الفنون التشكيلية. ومن خلال نسبة الحضور كان واضحا أن فرع جمعية الثقافة والفنون بجدة لديه جمهور واسع مستعد دائما لتلبية دعواته، حيث غصت صالة المحاضرات بهؤلاء الذين لم يسعفهم الوقت للحديث عن المحاضرة التي فقدت مضمونها، ومنهم الفنان أحمد فلمبان الذي أخرج من جيبه ورقة مليئة بالملاحظات على السريحي، وقال ل"الوطن": نحن لم نستمع إلى المحاضرة التي جئنا من أجلها رغم أهمية متحدث كالسريحي. وفي نهاية الأمسية سلم مدير فرع الجمعية عبدالله التعزي هدايا تذكارية لفرسان الأمسية .