أرادت لجنة الفنون التشكيلية في فرع جمعية الثقافة والفنون في جدة، أن تجمع بين المعنى والشكل في الحرف العربي، فاستضافت الزميل سعيد السريحي للحديث عن القيمة والمعنى والمضمون في الحرف العربي، والخطاط إبراهيم العرافي للتعريف بالشكل والاتجاه الكلاسيكي للخط، حيث توغل العرافي في الشكل بعيدا عن الجوانب الفلسفية التي تناولها السريحي، وأوضح العرافي أن اتجاهات الخطاطين تختلف حروفهم باختلاف نفسياتهم، مشيرا إلى أن الاتجاه الكلاسيكي لازم الخطاطين فترة من الزمن، مستعرضا أشهر الخطاطين العرب، وخلال «الباوربونيت» تطرق إلى أنواع الخطوط، مثل: الخط بالنحت، والزخرفة، و «الأبرو» وهو سحب الألوان بالماء. السريحي استهل محاضرته بسؤال واختتمها بآخر وبينهما استفهامات أخرى أجاب على بعضها وترك للمستمع وتحديدا التشكيليين الإجابة عليها، فقد انطلق في تلك المحاضرة التي عنون لها ب«الفن التشكيلي والنقد الأدبي» باستفهام: ما العلاقة بين الفن التشكيلي والنقد الأدبي»؟، واختتمها بالسؤال: إذا غادرنا الحرفية لنا أن نتساءل، هل هو يرسم الأشياء أم يكتشف القيم الكامنة لها؟!، وزادهما بأسئلة أخرى في ثنايا حديثه عن الحرف، منها: إلى أي مدى تجاوزت الحروفية إلى استكناه السر فيه؟!، وإذا كانت للحروف أجساد، وإذا كانت أشرف ما في الموجودات، وإذا كانت لها صفاتها وقيمها وأدوارها.. كيف يمكن أن نتعامل معها؟، وكيف يمكن استخدام ال 28 حرفا والتصرف بطبائعها في الأرواح الجسمانية؟. تلك القيم الكامنة في الحروفية التي طالب بها السريحي استعرض بعضا منها في محاضرته، موضحا أن الحروفية تعتمد على استلهام الشكل للحرف كبنية جمالية قابلة أن تكون قيما جمالية للحرف من خلال تركيبة تلك الحروف، مؤكدا أن التشكيليين لو تمكنوا من وضع أيديهم على الحروفية لاكتشفوا قيما أفضل في الثقافة العربية، ومع تأكيده أن ثمة تيارا عاما يشكل وعيا إلا أنه يرى أن هناك تيارات جانبية ظلت مسكوتا عنها وهي تحمل قيما تزيدنا معرفة. وتنقل السريحي بين قيم الحرف من خلال كتابات أبو العباس البوني، موضحا أنه اعتبر أن الحروف تسمى أجسادا، ولذا فإن الكلمة تتألف من أجساد الحروف، وكأن القيمة في الحرف وليس في الكلمة، وكأنه أيضا يقول: اقرأ الحرف ولا تقرأ الكلمة، فنحن أمام كون تمثله الأحرف. ويشير السريحي إلى أن للأحرف صفات ومعاني، إذا نحن أمام فكر من خلال الأحرف أقرب إلى ما يمكن أن يكون «روح الفكر»، وكما أن لها صفاتها ومعانيها فإن لها الأثر أيضا، ونحن أمام قيم تتجاوز حدود المنطق والعقل، وعلينا حينها أن ندرك تلك القيم الحروفية كيلا تكون مجرد حروف فقط.