مع كثرة واختلاف وتنوع مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت بعض الأنماط الفكرية والسلوكية تختلف من شخص لآخر، فالبعض يعتبر مواقع التواصل الاجتماعي قنوات "للفضفضة" و"الهروب" من هموم الحياة، ولكن الغريب في الأمر هو دخول المتزوجين بكثرة إلى تلك البرامج حيث استطلعت "الوطن" آراء بعض من يتخذ من برامج المحادثة مكاناً للتعارف بالرغم من ارتباطه بزواج وأسرة. عبدالله التميم في العشرينات من العمر ومتزوج منذ سنتين، وهو على الرغم من زواجه إلا أنه لا يمكنه أن يستغني عن الدخول إلى عالم الدردشة مع الفتيات، فيقول عن أسباب ذلك "تزوجت قريبة من أقربائي وذلك مجاملة لعائلتي فلم يكن زواجي برضا مني وزوجتي طيبة القلب، ولكن لم يكن أسلوبها مقبولاً لدي وفي بداية الأمر لم أكن أتجرأ على التفكير في فسخ خطوبتنا بسبب عائلتي لذلك كل ما فعلته خلال فترة أيام الخطوبة هو البكاء وانتظار الفرج، لذلك أدخل برامج التعارف لنسيان ما يحصل وأنا فعلاً أفكر بالزواج من أخرى". أما سعد العبدالرحمن وهو موظف حكومي فيقول إن الإنسان في نفسه الطمع فحتى لو كان كل شيء متوفرا لديه فإن نفسه تتوق إلى المزيد، وبرامج التعارف توجد بها الأشياء التي قد يتمناها كل شخص من خلال الصور الخيالية التي يصوّر بها بعض الأشخاص أنفسهم أمام الآخرين، ويذكر سعد أن أصدقاءه المتزوجين الذين يدخلون عالم "الشات" وبرامج التعارف من أجل التحدث مع الفتيات وذلك بسبب أن علاقتهم مع زوجاتهم تتسم بالرسمية والثبات وبعكس ما قد يجدونه مع فتيات مجهولات الهوية فهم حينئذ سيكون لديهم حرية أكبر في الحديث عن كل شيء. تهاني سالم وهي ربة منزل تروي تجربتها مع برامج التعارف، فهي ترى أن إهمال الزوج وانشغاله طوال الوقت خارج المنزل مع الفراغ الذي تشعر به الزوجة داخل المنزل كل ذلك يجعل لديها رغبة جامحة في الدخول للتعرف على أشخاص من بيئات أخرى أو أماكن مختلفة وقد لا يكون هنالك اهتمام لديها في الحديث مع الرجال بل تجد أنها تحب الحديث مع النساء ومشاركتهن هموم الحياة لكن البعض قد يعتقد بأنها بذلك تمارس فعلاً غير صحيح وهو ما جعلها أكثر حذراً في التعامل مع الآخرين داخل هذه البرامج. ويرى سعيد ماهر الذي يعمل في شركة خاصة أن الأمر كله لا يعد أكثر من كونه تسلية فهو متزوج ولديه 3 أطفال ولكن لظروفه الزوجية التي اختلفت عن السابق حيث أصبحت زوجته تهتم بالأبناء أكثر منه فأصبح يجد ضالته في برامج التعارف وذلك من خلال التحدث مع الفتيات فهو يرى أن هذا الحل هو الأنسب والأفضل بدلاً من الزواج بأخرى، حيث يروي تجاربه مع بعض النساء المتزوجات اللواتي تعرف عليهن واكتشف أن لديهن مشاكل زوجية خاصة جعلتهن أيضاً يقبلن على برامج التعارف بعيداً عن دائرة المراقبة. وعن تجربة الحب السابقة يقول الزوج خالد هشام وهو في الثلاثين من عمره إن له تجربة حب سابقة ولم يكتب لها النجاح، ولذلك تزوج بعد هذه القصة بإحدى الفتيات ولكن أصبح لحياته الزوجية نظام معين أجبره على الدخول إلى عالم برامج التعارف حيث إنه بعد الزواج أصبح لا يرى في العالم بحسب وصفه سوى زوجته وبالتالي تكوّنت في داخله حالة من الملل جعلته يفكر في أن يتعرف على نساء أخريات، حيث يرى أن حياته الزوجية متذبذبة الآن. أما الزوجة ليلى عيد فتقول إن للزوجات والأزواج بعض الممارسات الغريبة وهي شهدت على بعضها وتعتبر منها الدخول إلى برامج التعارف ومحاولة الحديث مع أناس آخرين من الجنس الآخر بالرغم من أن المتزوجين لديهم الشريك الروحي الذي سيكفيهم ويغنيهم عن التعرف على أشخاص آخرين لكن بسبب اختلاف بعض الأمور وهي واجهتها شخصياً كعدم فهم الزوج لرغبات زوجته الرومانسية فهي ستفكر بالبديل وهو التعرف على أشخاص يتحدثون معها بكلام رومانسي أو ما يروي ظمأ عطشها - بحسب وصفها - وإن كان لوقت قليل، محذرة من انجراف الزوجة أو الزوج بعد ذلك في هذا الأمر ولربما يقع ما لا تحمد عقباه. ويقول الزوج حمد قاسم إن زوجته لا تعرف كثيراً أمور التقنية والإنترنت، ولذلك يجد لديه حرية مطلقة في الدخول إلى برامج التعارف والتعرف على من يريد من فتيات، معترفاً في الوقت نفسه بأن هذا الأمر يعتبر خيانة ولكنه لا يفكر في العواقب طالما أنه سعيد مع هذا الأمر. في حين ترى الباحثة الاجتماعية ليلى الخالد أن المشكلة تنحصر في أن الكثيرين يعيشون تحت وطأة مفاهيم اجتماعية كثيرة ومتناقضة، جعلتهم غير قادرين على استيعابها وتطبيقها على النحو الصحيح، وبالتالي شكّل لديهم هذا الأمر خللاً في علاقتهم الزوجية، ولهذا يلجأ الكثير منهم إلى التعرف على أشخاص يكونون أكثر قدرة على استيعاب أفكارهم وفهم شخصياتهم، ولكن لبعض المتزوجين اهتمامات معينة وهي فقط التعرف على أشخاص جدد، وهذا الأمر يحتاج إلى معالجة برويّة من خلال مشاركة الطرف الآخر في هذا الاهتمام، وعدم التوحد في ذلك الأمر، حتى لا تقع مشاكل الغيرة، وبالتالي وقوع الطلاق، حيث يجب على المتزوجين والمقبلين على الزواج رفع مستوى الوعي لديهم بأن الزواج مسؤولية مشتركة ومشاركة في الحياة، وأن الاهتمامات الفردية خاصة ذات التأثيرات السلبية على الطرف الآخر يجب أن يتخلى عنها أحد الطرفين حتى لا يقع الضرر مستقبلاً على أحد الزوجين، ولربما يتطور الأمر فيقع الطلاق وتتهدم أركان الأسرة بالكامل.