أكد الداعية الدكتور علي العمري رئيس جامعة مكة المفتوحة أن رغبة الشباب في التعارف قبل الزواج لا يمثل سوى شريحة بسيطة جدا من المجتمع تكاد لا تذكر، مشيرا إلى أن الزواج التقليدي لا يختلف عن التعارفي ويلتقيان في نقطة واحدة هي معرفة كل طرف بالطرف الآخر بشكل دقيق، وقلل من أهمية التعارف بين الجنسين بعيدا عن الأسرة لإتمام الزواج، مؤكدا أنه غير منطقي وغير مقبول، وجاء ذلك في ثنايا تعليقه على الفعالية التي أقامتها إحدى الشركات بجدة ووضعها لوحة قماشية بيضاء على مدخل قاعة مطلة على شارع الأمير محمد بن عبدالعزيز (التحلية سابقا) ليبصم كل الحضور من الشباب والشابات على اللوحة باللونين الأحمر (موافقة) والأسود (للرفض) على زواج التعارف لما قبل الزواج، وذلك في إطار مشروع التبكير بالزواج، الآراء التي توصل إليها الشباب من الجنسين كانت متفاوتة بين القبول والرفض لأن يسبق الزواج فترة تعارف بين الطرفين للوقوف على سلوكيات وأخلاقيات الطرف الآخر، وأبدى عدد كبير منهم رفضهم لآلية الزواج بهذه الطريقة معلنين صراحة تمسكهم بتقليدية الزواج عبر اختيار الأهل. أول بصمة افتتح الدكتور فايز فلمبان، استشاري جراحة العظام بالمركز الدولي الطبي بجدة، الفعالية بوضع أول بصمة على اللوحة، وقال: “إن الدين الإسلامي عندما قرر النظرة الشرعية في الزواج أعطانا إشارة واضحة إلى أنها تقرّب قلوب الزوجين”، وزعم أن التعارف يقرب وجهات النظر، محذرا في الوقت نفسه من أمور سيئة قد تترتب على ذلك. وأكد فلمبان أنه يؤيد الزواج عن طريق التعارف، واصفا الشكل المطلوب بأنه “التعارف العقلاني”، تحت أطر واضحة، مشيرا إلى أن الزواج بالتعارف ليس مستحدثا في عصرنا الحاضر، إنما ممتد منذ القرون الأولى. القناع السبب لمى حسن، (22 عاما)، تؤيد فكرة الزواج عن طريق التعارف وفق ضوابط أخلاقية وشرعية، مشيرة إلى أن هذا الزمن اختلطت فيه كثير من الأمور، وأصبح من الصعب على الشخص أن يحدد شريك حياته، وقالت: “نحن أمام خيارين، إما أن يختار الإنسان شريك حياته من خلال التعارف، أو تكون فترة الخطوبة طويلة ولا تقل عن سنة، حيث من الصعب جدا أن أختار زوجي بناء على رؤية الآخرين، بعيدا عن رأيي الشخصي”. وتشير إلى أن فترة الخطوبة في الزواج التقليدي قصيرة جدا، إضافة إلى أن الاختيار يكون عن طريق الأهل أو الأقارب؛ الأمر الذي تزعم بأنه لا يتناسب أبدا مع العصر الذي نعيشه. خطوبة غير كافية وترى خديجة مير عالم (21 عاما) أن الزواج عن طريق التعارف يساعد الزوجين على فهم الطرف الآخر، لكنها في الوقت نفسه تؤكد أنه من الصعب أن تتعامل مع شخص لا تعرفه جيدا، ومن الأصعب أن يكون هذا الشخص زوجها، في تناقض صريح، وقالت: “فترة الخطوبة التي تكون عن طريق الزواج التقليدي غير كافية، ويجب أن تكون أطول لتساعد كل طرف على اكتشاف شخصية الطرف الآخر”. ليست مقياسا وأشارت الإعلامية فدوى الطيار (30 عاما) إلى أن الزواج التقليدي يمنع تماما من التعرف على الطرف الآخر، مشيرة إلى أن فترة الخطوبة ليست المقياس الحقيقي لمعرفة الطرف الآخر، لأن كلا منهما يريد أن يعرف الآخر بأفضل ما لديه، ومع ذلك تختفي العيوب الموجودة في كل طرف؛ ما ينجم عنه الطلاق. الفشل نهاية التقليدي وترى رؤى الحبشي (18 عاما) أن نسبة النجاح في الزواج التقليدي ليست كبيرة، خصوصا هذه الأيام، مشيرة إلى أن النمط التقليدي من الزواج كان مناسبا للزمن الماضي، لكنه لا يصلح لجيلنا الحالي، مؤكدة أن قرار زواجها سيكون بيدها، وأهلها لا يمارسون عليها أي ضغوطات. التقليدي أفضل ويبدو أن اللون الأسود الذي خضب به محمد غبرة (مطلق) يده اليمنى، كان دافعا لإعلان رفضه المباشر لمحاولات ما عده تمرير فكرة التعارف كأنها الحل لزواج القرن ال21، مشددا على أن التوفيق يعد السر في نجاح أي زواج، بعيدا عن أي عوامل أخرى، وقال: “من جهتي أؤيد الزواج التقليدي؛ لأنه سيكون سترا للفتاة من ناحية؛ اقتداء بدعوة الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث الشريف: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه)، ولم تتم الإشارة إلى ما يوصف بالحب أو نحوه”. التعارف لا يدوم ويفضل عبدالرحمن شبروي (26 عاما) الزواج التقليدي؛ لأن الزواج من خلال التعارف لا يدوم طويلا، معترفا بأنه تعرف على بعض الفتيات واكتشف أن هذا النوع من التعارف لا يستمر طويلا؛ لذا قرر أن يلغي من قاموس تفكيره الزواج بالتعارف. ولا يرى أسامة صلاح (28 عاما) إشكالا في الزواج التقليدي، لكنه يؤيد زواج التعارف، متحججا بالزمن الحالي الذي نعيشه، والذي فرض أمورا كثيرة. ويشدد على أن موافقته على التعارف قبل الزواج إنما هي بمنزلة الخطوبة، حتى يستطيع الطرفان أن يتعرف كل منهما على الآخر بشكل دقيق؛ ليحصل بعد ذلك الزواج، زاعما أن المجتمع اليوم لا يرفض مثل هذه الزواجات، فيما كان في السابق يرفضها شكلا وموضوعا. الصراع مع الشك ويشير ريان الحضرمي (27 عاما، ومقبل على الزواج)، إلى أن التعارف نمط لا يصلح، وقال: “عندما قررت الزواج فاتحني أهلي بوجود فتاة تصلح لي، فوافقت عليها فورا بعدما عرفت مواصفاتها”، مؤكدا أفضلية الزواج بالطريقة التقليدية؛ “لأن زواج التعارف يعيبه كثير من الإشكالات التي تحدث بين الزوجين، ومن أشد هذه الأمور قضية الشك؛ لأن أي امرأة اخترتها لتكون زوجتك من خلال التعارف ستثير الوساوس في قلبك بأنها ستتعرف على غيرك فيما بعد الزواج”. وأوضح أن أي شاب تزوج فتاة عن طريق التعارف، يعد من أرباب السوابق؛ إذ تعرف على عدة فتيات، وقد يكون صدم من بعضهن، ليختار الأخيرة بعناية.