يعود للضوء من جديد السجال القديم الذي شهدته مصر مطلع القرن العشرين الذي أوقده نشر "الإسلام وأصول الحكم" للشيخ علي عبدالرازق، وذلك عبر كتاب (حوار وردود حول: الإسلام وأصول الحكم)، الصادر حديثا عن دار جداول في بيروت متضمنا أطروحة عبدالرازق وردود الشيخ الطاهر بن عاشور والسيّد محمد الخضر. وكانت أطروحة عبدالرازق قد نهضت على أن الإسلام لا يملك نظاماً سياسياً محدداً يقتضيه الدين، بل نشأ هذا الانطباع عن التباسات تاريخية، ودعاوى من السلطة بشقيها الديني والسياسي؛ لكنه كما يقرأه الدكتور رضوان السيد في مقدمته للكتاب، وقع ضحية عدم التمييز بين القول بضرورة السلطة لسائر المجتمعات الإنسانية ومنها المجتمع الإسلامي، والقول بضرورة الخلافة باعتبارها نظاماً سياسياً محدداً يقتضيه الدين، وبحسب السيد كان هدف عبدالرازق في نهاية المطاف بطولياً حين دعا لإقامة أنظمة سياسية مدنية على مشارف زوال الخلافة الشكلية للدولة العثمانية. وظلت الدولة المدنية وحدودها ومنذ قرابة القرن على تأليف هذه الرسالة المفصلية في سجال مفكري الإسلام حول الشأن السياسي وما تبعها من ردود أفعال ملفاً ساخناً بين كل الأطراف، الإسلاميين وخصومهم والغرب الذي بدأ يعيد النظر في تقييمه للحراك الديني في العالم الإسلامي في أجواء مشابهة تماماً لولادة أطروحة علي عبدالرازق وسجال مجايليه له.