هروبا من بكتيريا إي كولاي، التي أودت بحياة 38 شخصا حتى أول من أمس، لجأ عدد من المواطنين في حائل إلى المنتجات الزراعية العضوية، سواء بالزراعة الذاتية أو عن طريق الشراء من المزارع التي تهتم بهذا النوع من الزراعة. ورغم أن الأبحاث توصلت إلى أن الخضراوات بريئة من بكتيريا إي كولاي، وأن مصدر هذه البكتيريا براعم مستنبتة. فإن الخوف العالمي من هذه البكتيريا القاتلة دفع هؤلاء إلى المنتجات العضوية. مزارعو حائل وحدهم يعتبرون تلك البكتيريا نعمة، حيث ستساهم في تسويق منتجاتهم من المنتجات العضوية، بعد أن بدأ البعض بالاتفاق مباشرة مع العمالة في تلك المزارع لتزويدهم بحاجتهم اليومية من الخضراوات الطازجة، واستلامها بخدمة "التوصيل المنزلي" المعمول بها في المطاعم، في الوقت نفسه يرى الخبراء في المجال الزراعي أن الاتجاه إلى زراعة المنتجات العضوية آت، وأن هذه المنتجات ستشهد طلبا مضاعفا خلال الفترة المقبلة. وقال المهندس الزراعي، صالح عبدالكريم العمر (من أهالي مدينة جبة): إنه يجري تجارب في مزرعته على الأسمدة العضوية، وعلى مدى تحلل المواد المفيدة بالتربة، وإنه أجرى تجاربه على عدة حقول في مزرعته، بعضها استخدم فيه مخلفات الدواجن كأسمدة عضوية، بينما لم يستخدم في حقول أخرى أية أسمدة؛ لمعرفة كمية الديدان التي ستهاجم الحقل في الحالتين والمقارنة بعد ذلك. وأوضح العمر أن استخدام مخلفات الدواجن كان مفيدا، حيث يؤدي إلى عدم ظهور شوائب من النباتات، عكس ما يحدث عند استخدام الأسمدة المستمدة من مخلفات الأغنام. وأضاف العمر: أن النتيجة كانت مرضية، وأنه قام بزراعة حقول صغيرة المساحة في منزله ومنازل أقربائه، وحقق الاكتفاء الذاتي من الكثير من المحاصيل، بل وقام بتوزيع الفائض على الأصدقاء أيضا. المزارع متعب محمد الحميدي تنتج مزرعته الصغيرة ما يكفي عائلته من الخضراوات، بالإضافة إلى قيامه بتسويق العديد من المنتجات على محال بيع الخضراوات في المدينة. يقول: إن المنتج العضوي الذي ينتجه كان يتلف أكثر من نصفه؛ نظرا لارتفاع سعره نسبيا عن الزراعة غير العضوية، إلا أنه وبعد ظهور بكتيريا إي كولاي أصبح منتجه يباع بالكامل، ولا يتلف منه شيء. وأضاف الحميدي: أن من أهم مميزات الزراعة العضوية تعويد الفرد على الاعتماد على النفس وتحقيق الاكتفاء الذاتي، بالإضافة إلى كون الزراعة بحد ذاتها ممتعة وهواية جميلة. وعن المحاصيل التي يزرعها عضويا قال: إن من أهم المنتجات العضوية التي يزرعها الكوسة والطماطم والخيار والقرع، بالإضافة إلى البطيخ والشمام، وإنه أحرز نجاحا كبيرا في زراعتها على الرغم من صغر المساحة المزروعة لديه، مشيرا إلى أن استخدام نظام تقطير المياه خفض التكلفة عليه بشكل كبير. وأكد الحميدي أن الكثير من المواطنين عقدوا اتفاقا مع عامل المزرعة لديه لتزويدهم بالخضراوات الطازجة يوميا باستخدام دراجته، وهو يقوم يوميا بوضع الكمية المطلوبة لكل زبون في كيس، ويقوم بتوصيلها إليه في منزله، وبهذا الشكل يحصل المواطن على خضراوات طازجة يومية القطف بسعر مناسب وبكمية كافية له. ويرى رئيس جمعية الزراعيين بحائل، خالد الباتع أن التوجه إلى الزراعة العضوية أمر لا مفر منه، وأنه قادم لا محالة، وأن بكتيريا إي كولاي ساهمت في توجيه الأنظار إلى الزراعة العضوية، وهذه فائدة. وأضاف أن المزارع العضوية في حائل ما زالت قليلة العدد، وتوجد على الأطراف، وفي بعض بيوت المهتمين بالزراعة، مؤكدا أنه هو شخصيا ينتج ما يكفي بيته من جميع الورقيات كالبقدونس والكزبرة والجرجير والكراث والبصل، وذلك منذ زمن طويل. ودعا الباتع المواطنين إلى خوض تجربة الزراعة، فمساحة متر في متر في المنزل بإمكانها إنتاج ما يكفي البيت من أحد المنتجات الزراعية لمدد طويلة، إضافة إلى ضمان الجودة ونظافة المنتج. وأوضح أن من أهم الأمور التي لا تشجع على الزراعة العضوية هي مسألة التسويق، وذلك لانعدام ثقة المشتري، فهو عادة لا يثق في البائع، وإن كان هذا المنتج عضويا أم لا، لكون المنتجات العضوية ذات سعر مرتفع مقارنة بغير العضوية. وبين الباتع أن المنتجات العضوية هي المنتجات الصحية الخالية من المواد الكيماوية، التي يستخدم في زراعتها التسميد العضوي (كم باست)، وهو عبارة عن جميع مخلفات المزرعة، وروث الحيوانات الأليفة، مضافا إليها الماء لزيادة نسبة الرطوبة.