رفع الباحثون والمهتمون بتاريخ المدينةالمنورة خلال لقائهم أول من أمس في فندق "موفنبيك المدينة" مع أمين دارة الملك عبدالعزيز، عضو مجلس نظارة مركز بحوث ودراسات المدينة الدكتور فهد بن عبدالله السماري شعاراً مفاده أن (المحافظة على عين الأثر أفضل من أية دراسة تؤلف فيه)، في إشارة منهم إلى أهمية أن يكون لمركز بحوث ودراسات المدينة بعد انضمامه لدارة الملك عبدالعزيز دور في المحافظة على ما تبقى من آثار المدينةالمنورة، وأن يكون له دوره الفاعل في المرحلة المقبلة مع الهيئة العامة للسياحة والآثار. وكان الباحث في معالم وآثار المدينةالمنورة الدكتور تنيضب الفايدي قد وجه النقاش في اللقاء التشاوري الذي جمع عدداً واسعاً من المهتمين والباحثين والباحثات في تاريخ المدينةالمنورة من داخل المدينة وخارجها حول ملف الآثار حين وضع المركز بثوبه الجديد أمام الدور الذي ينتظره، حيث لم يدخر المركز جهدا - حسب قوله - في مسألة البحوث، وتحقيق الكتب، وفي استكتاب الباحثين، إلاّ أنه لم يكن له دور في المحافظة على آثار المدينة، ومواقع السيرة النبوية في مرحلته السابقة، وإن كان مع رئيسه صالح المغامسي قد بدأ يحقق شيئاً من ذلك الدور. وأشار الدكتور الفايدي كذلك إلى أهمية المحافظة على ما يتعلق بالآثار الحضارية القديمة كالحصون والقلاع سواء الموجودة بالمدينة، أو خيبر أو غيرهما من المناطق، مشيراً إلى أن المحافظة على عين الأثر تؤدي رسالة أفضل من أية دراسة تؤلف فيه. الباحث في معالم المدينةالمنورة الدكتور محمد أنور البكري أيد ما ذهب إليه الفايدي، إلاّ أنه يرى أن لا ضرورة لإعادة ملف حدود الحرم وحمى المدينة - كما طرح البعض - حيث إنها باتت معروفة ولا داعي لأن يضيع المركز جهوده ووقته في هذا الملف، وطالب الدكتور البكري بأهمية أن ينضم إلى نظارة وقف مركز بحوث ودراسات المدينةالمنورة أعضاء جدد من الباحثين والأكاديميين إضافة إلى الأعضاء الرسميين. المؤرخ فايز البدراني اقترح في مداخلته إنشاء إدارة خاصة بمركز بحوث ودراسات المدينة تعنى بشؤون الباحثين بحيث تكون على اطلاع على المشاريع البحثية وتقوم على دعم الباحثين الشباب معنوياً ومادياً، مشيراً إلى ضرورة الاهتمام بعدد من المعالم التابعة للمدينة المنورة ولكنها ليست بداخلها ولا تقع على طرق الحج، ولكن لها علاقة بالعهد النبوي والغزوات وبالحمى. وتناول عدد من مداخلات المشاركين أهمية تجاوز المركز لطرح القضايا المكرورة والجوانب التاريخية المعتادة مع أهمية إكمال مشروعات المركز السابقة التي توقفت لأسباب عدة منها توثيق التاريخ الشفهي وموسوعة تاريخ المدينةالمنورة وتوطين الوثائق التاريخية، وأشاروا إلى ضرورة تبني المركز لجائزة علمية سنوية، والمحافظة على آثار مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم من الإزالة والإهمال وإعادة الأسماء القديمة للمواقع التاريخية وخاصة المرتبطة منها بنصوص شرعية وأن تشمل أعمال المركز منطقة المدينةالمنورة بكل نواحيها ومدنها ومواقعها التاريخية، والاهتمام بتاريخ المدينةالمنورة في العهد السعودي. من جهته قال الدكتور فهد بن عبدالله السماري ردا على المداخلات إن كل معطيات اللقاء من المداخلات والملاحظات والمقترحات ستؤخذ في الاعتبار لتأسيس الرؤية الجديدة للمركز من خلال ورشة عمل خاصة ستنتهي إلى صياغة هذه الرؤية ومن ثم عرضها على لجنة علمية وبعض المختصين لإبداء الرأي الأخير فيها وعرضها على الجميع بوضوح حتى يتسنى بناء تعاون علمي واضح مع الوسط الأكاديمي المتخصص والمهتمين والمعنيين بتاريخ المدينةالمنورة. ودعا السماري باحثي وباحثات المدينةالمنورة والمهتمين بتاريخها وآثارها وجغرافيتها من كل مناطق المملكة وكذلك أهالي وسكان مدينة طيبة إلى التعاون مع مركز بحوث ودراسات المدينةالمنورة، نافيا أن يكون المركز محجراً للوثائق التاريخية والمخطوطات التي سيسلمها المجتمع المدني له لكنه سيقوم بدور مرجعي لا رقابي على الإنتاج العلمي المقبل المتعلق بتخصصه وأهدافه. واستبشر الدكتور السماري بموقع المركز في المدينةالمنورة بين جامعتين عريقتين في البحث العلمي والدراسات التاريخية هما جامعة طيبة والجامعة الإسلامية كما بشر بإنشاء قسم نسائي في المركز في القريب العاجل يخدم الباحثات في كل مناطق المملكة ويحفز نشاطهن العلمي ويشجع على دراسات نسائية جديدة، ووعد من جهة أخرى بحل مشكلة مقر المركز خلال الأيام المقبلة القريبة جداً. من جهته دعا مدير مركز بحوث ودراسات المدينةالمنورة صالح المغامسي في كلمته إلى التعاون مع المركز في تحقيق أهدافه مؤكداً أنه يمر بمرحلة جديدة بعد إشراف دارة الملك عبدالعزيز عليه خاصة أنه كان يعاني منذ تأسيسه عام 1418 من عدم وجود رحم إداري وعلمي ومرجعية قوية تؤهله لمواصلة مسيرته العلمية والبحثية حتى وافق صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز على تولي رئاسة مجلس نظارة المركز، وبنيابة أمير منطقة المدينةالمنورة الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز مما سيعطي المركز دفعة كبرى نحو عمل جاد من ثمراته هذا اللقاء التشاوري الذي يفصح عن رؤية جديدة للمركز ترتكز على التعاون مع الجميع. وكان ما يقارب 100 باحث وباحثة من المدينةالمنورة وخارجها دعتهم الدارة وضمهم اللقاء التشاوري حول تاريخ المدينةالمنورة على مدى ساعتين لنقاش التصور لمستقبل العمل في مركز بحوث ودراسات تاريخ المدينةالمنورة ووضع صيغة إدارية وعلمية للمركز تخلص لبناء انطلاقة قوية له في خدمة تاريخ المدينةالمنورة السياسي والاجتماعي والثقافي في مرحلته الثانية من تاريخه.