شهدت محاضرة وزير الصحة رئيس الفريق الطبي والجراحي لعمليات فصل التوائم السيامية الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز الربيعة أمس في جامعة الإمام بقاعة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، الإعلان عن إنشاء كرسي لدراسات صحة الحجيج بالتعاون بين الجامعة ووزارة الصحة بهدف تقديم الدراسات والأبحاث والأعمال التي تعين على كل ما يجعل الحج صحيحاً وسالماً من كل الآثار التي تضر به. ووصف الربيعة مسيرة فصل التوائم في المملكة بأنها نموذج دين ووطن ومواطن، وأن العمل الجماعي وسياسة الفريق الواحد هي أساس النجاح في كل عمل بعد توفيق الله، لافتاً إلى أن الكوادر الوطنية قادرة على العطاء والمنافسة إذا ما وجد المناخ المناسب لها، وأن المملكة هي دولة سلم وإخاء وعطاء. واستأذن الربيعة في بداية المحاضرة الحضور وفي مقدمتهم مدير الجامعة الدكتور سليمان أبا الخيل وعمداء الكليات لتغيير اسم المحاضرة من "قصة نجاح" إلى "خبرة فريق ونجاح وطن" لأن النجاحات تحتسب للأوطان، فالأفراد يذهبون ويفنون ويبقى الوطن شامخاً. وشكر مدير الجامعة على طرح مشروع مشترك مع وزارة الصحة للاعتناء بأبحاث صحة الحجيج، وقال: هذا يتماشى مع خطط وزارة الصحة التي تعنى بالصحة العامة. وتناول الربيعة خلال المحاضرة أبرز المواقف الإنسانية المؤثرة التي رصدها من أهالي التوائم وسجلها خلال مسيرته كرئيس للفريق الطبي والجراحي، إضافة إلى الدروس المستفادة التي تعلمها في هذا النوع المعقد والصعب من العمليات، وكيفية استفادة الطلاب والطالبات منها في حياتهم العلمية والعملية. وتعرض وزير الصحة في محاضرته إلى تاريخ التوائم الملتصقة، وكشف أن نسبة حدوث التوائم السيامية نادرة جداً، حيث تقدر بحالة من كل 200 ألف ولادة وتزداد في شرق وجنوب آسيا وأفريقيا حيث تصل إلى حالة كل 25 ألف ولادة، مشيراً إلى أن 60% من حالات التوائم السيامية تولد ميتة وذلك لوجود عيوب خلقية كثيرة تعيق الحياة. وبيّن الوزير أن الأسباب الحقيقية لحدوث التوائم السيامية غير معروفة ولكن العديد من الأبحاث تؤكد أنها تعود إلى عدم اكتمال البيضة الملقحة، وقال: من خلال التشخيص نستطيع معرفة التوائم السيامية خلال الأسبوع التاسع من الحمل عن طريق الأشعة الصوتية أو الأشعة المغناطيسية. وأضاف الدكتور الربيعة أن أول تسجيل للتوائم الملتصقة كان في عام 1945م وهو لتوأم أرميني، لافتا إلى أن أشهر توأم التصق به اسم التوائم السيامية هما "إنك وجانق بنكر" اللذان عاشا مابين 1811 إلى 1874م وسيام هو اسم تايلاند القديم، وبعد أن كبرا قليلا توجها لأميركا واستقرا فيها بعد عملهما في السيرك وأصبحا يسميان آنذاك التوأم السيامي نسبة إلى تايلاند قديما وكان اتصالهما بسيطا يمكن فصلهما بعملية يمكن ألا تتجاوز الساعة لكن الخبرة في القرن التاسع عشر قليلة واستمرا حتى أصبح عمرهما 63 سنة وكلاهما تزوج وأنجبا 21 طفلاً من زوجتين حيث أخذا شقيقتين وتوفي واحد منهما وبعد ساعتين توفي الآخر. وأشار الدكتور الربيعة إلى أن التاريخ الإسلامي لم يوثق لدى العالم الغربي، غير أن أقدم حالة بالتاريخ بحسب بحوثه كانت في عهد عمر بن الخطاب عام 638م حيث سجل توأم بأربع أطراف علوية وطرفين سفليين وعضوين تناسليين خارجين وتوفي أحدهما بعد أسابيع من الولادة وتوفي الآخر بعده بساعة، فيما حدثت أول محاولة لفصل التوائم بطريقة الجزارين في ألمانيا 1495م عندما توفي توأم ملتصق بالرأس فأخذوا الفأس ففصلوه عن الثاني الذي توفي أيضا بعد ساعة من الفصل. وكشف الدكتور الربيعة عن أن أول عملية ذكية ناجحة في فصل التوائم سجلت عام 1689م وتستخدم بالوقت الحالي للناسور الشرجي وهي استخدام رباط ضاغط وكل أسبوع يتم ضغط الرابط إلى أن تم الانفصال بعد عدة أسابيع، مبيناً أن التخطيط مهم للنجاح، وأن فصل التوائم يحتاج إلى تخطيط وتكوين فريق متعدد التخصصات. واستعرض بعد ذلك عبر شاشة العرض خبرة تجربة الفريق خلال 21 عاما فصل فيها بنجاح 29 حالة من 16 جنسية مختلفة من قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا. وأشار إلى المواقف الإنسانية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ومتابعته الكبيرة لعمليات الفصل ودعمه المتواصل، واستشهد بالعديد من المواقف. وفي ختام المحاضرة أجاب الدكتور الربيعة على أسئلة الحضور، قبل أن يقلده مدير الجامعة "وشاح الجامعة" من الدرجة الأولى والمقدمة لكبار الشخصيات، وتسلم أيضاً درع عمادة الموهبة والإبداع والتميز بهذه المناسبة. بعدها قام بزيارة لكلية الطب بالجامعة. وكان الدكتور سليمان أبا الخيل أكد في بداية المحاضرة أن الوزير الدكتور عبدالله الربيعة يعد مثالاً رائعاً وأنموذجاً حياً وقدوة واضحة لكل من أراد أن ينجح ويبرز ويتميز.