المهرجانات التي تقام في المدارس والفعاليات والأنشطة اللامنهجية لا تقف عند حد المشاركة فقط وخلق المزيد من الترابط والتفاعل بين الطالب ومدرسته، بل تخطته إلى أبعد من ذلك لتقدم وجها تاريخيا مشرقا للوطن وتاريخه المشرق. هذا ما أكده العديد من تلك الأنشطة، وكان آخرها الفعاليات التي نظمتها المدرسة الثانوية الحادية عشرة للبنات في محافظة القريات بالتوازي مع مهرجان "الجنادرية"، التي نتخذها كمثال للأنشطة اللاصفية، حيث استهدفت التعريف ب"سوق عكاظ" لمن لم تتسن لهم فرصة زيارة ذلك المعلم التاريخي المهم. وتقول المعلمة نعمة أحمد الشمري القائمة على الفعاليات: اخترنا "سوق عكاظ" لأنه حدث تاريخي مهم وقد فوجئت أن العديد من الطالبات لا يعين أهمية هذا السوق وما يدور فيه، فما يعطى للطالبة من خلال المنهج الدراسي عن هذا السوق لا يضاهي ما تراه العين وتشاهده. وتتابع: حرصت على إقامة بعض المشاهد التمثيلية لشعراء قدماء في السوق، وكذلك التعريف ببعض السلع التي كانت تباع فيه. وتقول الشمري: إن الهدف من إقامة تلك المعارض خاصة فيما يتعلق بالتاريخ والتراث ما هو إلا تأكيد للهوية لدى الطالبات وتدعيم التراث، فالتراث له قيمة لأنه يعكس إبداعات المجتمعات قديما، بالإضافة إلى أن إقامة مثل تلك المهرجانات في المدارس تساعد على التفاعل بين الأجيال، فتحاكي فتياتنا عهد الجدات على الطبيعة سواء من خلال الأدوار التمثيلية أو من خلال عرض الأزياء أو تقديم الأكلات الشعبية التي تكاد أن تختفي في ظل الوجبات السريعة التي لا قيمة لها. وتقول المعلمة "أسماء المالكي": إن ما نحتفي به هو تراث وطننا الحبيب وكذلك المعلم التاريخي "سوق عكاظ " الذي يجهله الكثير من طالباتنا، وبعض الزائرات دهشن عندما رأين الفعاليات داخل خيمة عكاظ حتى إن إحداهن قالت لي كنا نعتقد أن ذلك السوق فقط لقرض الشعر. تبصير الطالبات بالتراث أما المشرفة المنسقة للمدرسة منى عقاب فتقول: نجحت الفعاليات في تحقيق الهدف المنشود منها وهو التعريف بالجيل القديم وإبراز الأنشطة التي كانت تقام في ذلك الوقت والمهن التراثية، لاسيما فيما يتعلق بزينة المرأة من أدوات للزينة والزي الشعبي الذي زينت به الطالبات المشاركات في الحفل وقامت بارتدائه جميع معلمات المدرسة وإدارياتها. وتتابع: أبرز ما ميز الفعاليات المشاهد التمثيلية التي قامت بها طالبات المدرسة، ومن بينها المناظرة الشعرية بين فتاة الجيل الجديد والجدة والتي نالت إعجاب الجميع، كذلك تجسيد لأبرز الشعراء في سوق عكاظ، وتقديم الأكلات الشعبية التي نالت رضا الجميع ومن بينها (المرقوق والمقشوش والجريش والعصيدة والفتة) وأضافت: إن إقامة مثل تلك المهرجانات في المدارس تساعد على تثقيف الطلاب والطالبات بتراثهم الأصيل، فهذه المهرجانات والمعارض بمثابة حلقة الوصل التي تساعد على ربط القديم بالجديد، ومن خلال المدارس نستطيع أن نقدم الفكرة ونعمقها في نفوس الطلاب بمراحل مدروسة نصل من خلالها إلى الهدف من إقامتها. رأي الطالبات إحدى الطالبات قالت: في المعرض شعرنا بالفعل أننا داخل سواق عكاظ التاريخي وتعرفنا على أدوات تراثية لجداتنا، كما تعرفنا من خلال المعرض على الطريقة التي تصنع بها الجدات الكحل عن طريق التبخير واستعمال الصفيح، وأيضا استطعنا التعرف على الطريقة التقليدية لليلة الحناء التي تسبق الزفاف وطريقة زفة العروس. وتقول الطالبة عبير العازمي: بتلك الأنشطة أصبحنا نتعايش مع تلك الحقبة الزمنية الأكثر من رائعة، التي عرفنا من خلالها أن المجتمعات كانت أكثر ترابطا وجسدت لنا المشاهد معنى البساطة والشراكة بمفهومها الواضح، وقالت: أتمنى أن أعيش ذلك الزمن وأتجول على بائعات العصير المثلج وألعب الألعاب الأكثر من رائعة مع بنات الحي التي جسدتها المشاهد التمثيلية.