"نفذوا مثل هذه البرامج في حينا، وداوموا على استمرارها"، هذه العبارة قالها أحد كبار السن الذي حضر فعاليات برنامج "الحي المعظم"، والذي انطلق الاثنين الماضي ويستمر لمدة أسبوعين، وينفذه برنامج تعظيم البلد الحرام التابع لمراكز الأحياء بحي العتيبية بمكةالمكرمة، تحت عنوان "طمس الكتابات غير اللائقة من حوائط منازل أحياء مكةالمكرمة"، الذي جاء بعد أن انتشرت ظاهرة الكتابات العشوائية بشكل ملفت للانتباه. يقول أحمد العتيبي (أحد سكان الحي): إن أحد شباب الحي مغرم بحروف لوحة سيارته "ق ف ص"، لذلك لم يترك حائطا في الحي والأحياء الأخرى إلا وكتب عليها حروف اللوحة بكل الأشكال والألوان، كما أن شابا آخر عندما كان صغيرا كان يردد عبارة أصبحت ملازمة له، وهي "صحيت من النوم في الشبه"، ويقصد بها "في الصبح"، وعندما كبر أصبح يكتب تلك العبارة في كل حي وعلى كل جدار. عمر صبري (طفل من سكان الحي يشارك في الحملة) يقول: أحببت أن أشارك اليوم مع الجميع في إزالة ما كتبه الآخرون من عبارات غير أخلاقية وغير لائقة، وعلى كل من لديه رغبة في الكتابة أن يكتب عبارات جميلة ومهذبة في دفاتر وأوراق، حتى يتعلم من أخطائه، وأن يتركوا الحوائط كما هي حتى تظل أحياؤنا جميلة وملفتة للنظر. من جهته قال مدير مشروع تعظيم البلد الحرام الدكتور طلال أبوالنور: إن مثل هذه الكتابات هي في حد ذاتها اعتداء على ممتلكات الآخرين بالتشويه والإتلاف، لما يتكبده مالك الحائط من كلفة مالية في طلائه من جديد، مضيفا أن برنامج إزالة العبارات غير اللائقة يمثل جانبا آخر في إزالة المنكر، لما تتضمنه بعض العبارات من كلمات تمس جناب العقيدة، وأخرى غير لائقة مجتمعيا. وأضاف أن الهدف الآخر للبرنامج يتمثل في تربية النشء على أن مثل هذه العبارات غير مقبولة، وأنه توجد وسائل أخرى يمكن أن تكون متنفسا لمن يملك موهبة في الخط أو الرسم، يمكنه من خلالها التنفيس عما بداخله بطريقة مهذبة ومقبولة اجتماعيا. وأشار الدكتور أبوالنور إلى أنه "بعد أن تم طلاء حوائط الحي، وبمشاركة مندوب من أمانة العاصمة المقدسة، وعمدة الحي، وضابط أمن بمركز شرطة جرول، وكبار وصغار السن في الحي، سنقوم بتحويل الحوائط تلك إلى لوحات فنية مقبولة اجتماعيا تضم في جنباتها عبارات وآيات قرآنية، تسهم في تهذيب النفوس، وتعويد الشباب على ترك تلك العادات السيئة". وأوضح مدير مشروع تعظيم البلد الحرام أن هذا البرنامج لن يقف إلى هذا الحد. بل سيصل إلى كل حائط عليه كتابات غير لائقة، بحيث نشعر هؤلاء الشباب بأهمية المشاركة في تعظيم البلد الحرام، خصوصا أن مكةالمكرمة قد شرفها الله، وحرمها، فهي وجهة أنبياء الله هود عليه السلام، وإبراهيم خليل الرحمن، ويونس بن متة، وموسى عليهما السلام، وفيها ولد ونشأ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وفيها دفن أكثر من 70 نبيا عند مسجد الخيف، فهو بلد آمن حتى إن السلاح لا يحمل في مكة، كما لا يجوز أخذ "اللقطة" بها، وهو وإن كان حلا في كافة الأماكن الأخرى من الأرض، إلا أن مكة يختلف الوضع فيها، فلا يجوز إطلاقا أخذها، وأن على من أخذها أن يعلن عنها لدى الناس، وإلا تركها في مكانها، فإن كان الحال هكذا مع "اللقطة"، فكيف بالأعمال الأخرى، لذلك ينبغي الالتزام بالهدي النبوي الشريف في تعظيم البلد الحرام. من جهته قال الضابط بقسم شرطة جرول، النقيب بندر العصيمي: إن هذا البرنامج يسهم بشكل فعال في القضاء على ظاهرة الكتابات غير اللائقة على حوائط الأحياء. بالإضافة إلى أن البرنامج وسيلة فعالة أخرى في تعديل سلوكيات الشباب غير الملتزم بالآداب العامة، ومن هنا شاركنا جميعا اليوم في طلاء الحوائط، كون مشاهدة هؤلاء الشباب لكبار السن وهم يعملون على إزالة ما أتلفته أيديهم، تجعلهم أكثر احتراما وتقديرا لممتلكات الآخرين من جهة، ومن جهة أخرى إشعارهم بأن هذا الحي هو حيهم، وينبغي عليهم المحافظة عليه، لإعطاء الآخرين صورة حسنة عنه وساكنيه.