تقدم أمير منطقة الرياض صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز مساء أمس جموع المعزين في وفاة الكاتب محمد صادق دياب وبرفقته رئيس الشركة السعودية للأبحاث والتسويق الأمير فيصل بن سلمان، ففي سرادق كبير بحي النزهة اصطفت كراسي العزاء في يومه الأول ووقف أهل الفقيد يتقدمهم خاله مسعد الغنيم وشقيقه رئيس لجنة الإحصاء والإعلام بالإتحاد السعودي لكرة القدم الزميل أحمد صادق دياب وبقية الأسرة وبعض اصدقاء الراحل ومنهم الشاعر عبدالمحسن حليت الذي رافق دياب في رحلته العلاجية للندن على مدى خمسة أشهر، وتلقوا العزاء، فيما كان المقرئ يتلو قرآنا بحسب تقاليد المنطقة. وتلقى الزميل أحمد دياب اتصالات تعزية من الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير نواف بن فيصل وعدداً من أصحاب السمو الأمراء. وكانت القلوب ظهر أمس قد تسابقت قبل الجسوم تتزاحم لأخذ مواقعها في مسجد الجفالي. كانت صلاة الميت على محمد صادق دياب أشبه بازدحام صلاة الجمعة. لم يبق موطئ لقلب وسط هؤلاء المحبين الذين تقاطروا لتشييع الراحل. بعد دقائق صاح الملبي في باحة المسجد "وحدوا الله" فتدافع الجمع لفسح الطريق، والوقوف على صفين لإلقاء نظرة الوداع. "أبو غنوة" في رحلته الأخيرة، لم تبد عليه وعثاء السفر، بدا وكأنه عريس نام في أثوابه البيضاء، فتسابقت أيدي المشيعين وأعناقهم ليحملوه عاليا ويزفون خطواتهم المتسارعة بالتهليل والتكبير من باب المسجد إلى أول مدارج الآخرة. في الخارج، غابت الشمس عن ظهيرة جدة بدت نوافذ ورواشين بيوت جدة القديمة ترنو من الضفة الجنوبية تسرق نظرتها الأخيرة من هناك إلى ابنها المحمول فوق أعناق الرجال. كان المشهد بدءا من طريق المدينة والميدان وصولا إلى ساحة المقبرة مكتظا بالناس، حتى يخيل للناظر لوهلة أنه لم يبق أحد من وجهاء جدة وعلمائها وكتابها وصحفييها لم يحضر الوادع الأخير لدياب الذي ووري الثرى بالأمس، وسط دعاء الأحباب والأصحاب. في الطريق إلى المقبرة، قال رجل تبدوعليه سيماء البساطة، تركت القارب وشبكة الصيد في عرض الشاطئ لأشارك في وداعية أبي غنوة. كان الوحيد الذي نعرفه ويعرفنا بالاسم ومكان الإقامة منذ ثلاثة عقود. تهدج صوته وهو يقول "أشهد الله، أننا لم نره يوما إلا هاشا باشا في وجوهنا نحن البسطاء، كان يمنحنا كل الوقت، وكل الحب وكل الوفاء" وأضاف "اليوم فقدنا واحدا من أسرتنا وصديقنا القديم. رحمه الله". على باب مقبرة "أمنا حواء" كان سرب من الحمام في الانتظار. في رواق المقبرة المسقوف، خسرت العيون والقلوب قدرتها على التماسك. فانهمر الدمع، وسال النشيج على أكتاف الجميع. لم تكن أسرة محمد صادق دياب تستقبل العزاء وحدها، كان الجميع يعزي الجميع في لحظة مشحونة بالعواطف. فيما وقف أحد أقارب دياب يمسح دمعاته وهو يشير إلى قبري أمه وخالته مؤكدا أن قبر دياب يقع بينهما رحمه الله.