يبدو أن الأمل ابتسم أخيراً لأكثر من مليون و200 مصاب بمرض قرحة القدم السكرية، وغيرهم من المرضى المعرضين للإصابة بالغرغرينا في المملكة. فقد تم الكشف على هامش فعاليات معرض "ابتكار" عن تقنية طبية جديدة اعتمدتها كلية الطب بجامعة الملك عبدالعزيز، تحول دو بتر أعضاء المصابين، ومحاصرة المرض وعدم انتقاله إلى بقية أنحاء الجسم. التقنية الجديدة، تعتمد على جهاز لتحنيط الجثث والأعضاء التشريحية بطريقة المومياء، وهي تعتبر من الابتكارات الحديثة التي أثبتت فعاليتها الكبيرة. كما ذكر ل "الوطن" المهندس التركي يحيى بدر، أحد أعضاء الفريق الذي قام بتطوير تقنيات الجهاز الذي قام بتصميمه في الأصل شركة ألمانية متخصصة في إنتاج المعدات الطبية. وأوضح المهندس بدر أن الجهاز الطبي الجديد مخصص لتحنيط الأعضاء التشريحية بطريقة المومياء، وقد تم اعتماده بكلية الطب في جامعة الملك عبدالعزيز، وهو يستغني عن مادة "الفورملين" المسرطنة، المستخدمة في كافة أنحاء العالم، والتي يعتمد عليها في تحنيط كافة الجثث. ونبه إلى أن مادة "الفورملين" مادة خطرة جداً، ويتم خلطها بالماء من أجل تحنيط الجثث، إلا أن لها العديد من المشاكل التي قد تتسبب في أضرار جسيمة للباحثين والأطباء العاملين في كليات الطب تتمثل في حدوث سرطان المبيض عند الإناث، وأمراض الجهاز التنفسي وتصلب شبكية العين عند الجنسين. كما أنه وعند ملامسة المادة بالأيدي تحدث العديد من الحروق بأنسجة اليد، لذلك يتم التعامل معها بحذر شديد، بحيث لا بدّ أن يكون فوق كل حوض يوضع به مادة "الفورملين" جهاز لسحب الغازات، وإذا وصلت نسبة "الفورملين" في الجو حداً معيناً فإنه يتم إخلاء القاعة التي يوجد بها أعضاء فريق البحث الطبي، كما أنه في أوروبا تم إصدار قرار، يشدد على منع استخدام هذه المادة خلال السنتين القادمتين. وذكر المهندس بدر أن التقنية الجديدة، استفادت من تقنية طبية بدائية، حيث تم تحنيط جثتين، الأولى لرجل والأخرى لامرأة، وقد تم تحنيط جثة المرأة بالطريقة الفرعونية، وبما كان يعتمد عليه الهنود الحمر في تحنيط الجثث. وقد تم الاحتفاظ بها في متحف كلية الطب بجامعة الملك عبدالعزيز. ولفت إلى أنه بالاعتماد على هذه التقنية البدائية البسيطة، تم تطوير طريقة مبتكرة في التحنيط، هي عبارة عن جهاز لتحنيط الجثث والأعضاء التشريحية بطريقة المومياء، بحيث تكون المومياء رطبة وبلونها الحقيقي، مما يسهل على طلبة الطب وأطباء التشريح التعامل مع الجثة والأعضاء التشريحية، دون الخوف من التعرض للإصابة بالسرطان أو بالأمراض الأخرى الخاصة بالجهاز التنفسي والعصبي والبصري، وذلك لأن التقنية الجديدة تسمح بحفظ الجثة خالية من المواد المسببة للسرطان. وأوضح أنه عن طريق الجهاز، يقوم الطبيب الاستشاري المشرف على علاج العضو المصاب لدى المريض، بالكشف على القدم، وفي أماكن مخصصة يتم وضع قدم المريض المصابة، أو بعضها بداخل الجهاز وعلى جلسات علاجية متعددة، حيث أظهرت التجارب أن المصابين بالغرغرينا، يشفون تماماً من المرض، وقد تم تطبيق هذا الابتكار على العديد من المرضى وتم علاجهم وحقق العديد من النتائج الإيجابية. وأضاف أن الشيء الأبرز، يتمثل بوجود شركة ألمانية كانت ضمن فريق التصميم الذي قام بتطوير الجهاز الخاص بتحنيط الجثث وعلاج مرضى الغرغرينا وقرحة القدم السكرية، لافتاً إلى أن الجهاز يمكن أن يحنط الجثة في غضون 10 ساعات. وأكد أن علاج قرحة القدم السكرية يمس أكثر من مليون و200 شخص، وجميعهم ليس أمامهم خيار إلا البتر وما يترتب عليه من أضرار اقتصادية واجتماعية على أسرة المريض، لكن هذا الابتكار يحقق الشفاء للمرضى ويجنبهم الأضرار المصاحبة. وقال إن آلية عمل الجهاز تعتمد على أسلوب تحنيط الأنسجة الميتة لدى الشخص المصاب بالغرغرينا، باستخدام تقنية المومياء وهي طريقة جديدة مبتكرة، حيث يتم غسل قدم المريض بالإيثانول الممدد، وتدفئة القدم بالماء الفاتر لزيادة قدرتها على امتصاص الأوكسجين ثم ضخ الأوكسجين لتنشيط الأعصاب، ومن ثم عمل طبقة شمعية عازلة محيطة بالجرح المفتوح قبل إخراج القدم من الجهاز. وأشار إلى أن الجهاز يتكون من مضخة هواء وخزان يحتوي على محلول التحنيط وخزان إيثانول ممدد وخزان ماء، مع دارة تسخين وأسطوانات أوكسجين وصمامات تحكم وصمامات عدم رجوع وصمام تحكم يعمل بالكمبيوتر وحوض معالجة القدم الذي يحتوي على مدخل السوائل ومدخل الأكسجين ومخرج لرمي المخلفات وإطار إحكام هوائي حول القدم ومجسات استشعار مستوى المحلول الأدنى والأعلى, وأخيرا يحتوي النظام على خزان المخلفات وفيه كيس المخلفات والتوصيلات.