تزايدت حالات السرقة في العاصمة المقدسة وسط تحفظ من الجهات الأمنية على عدد حالات السرقة التي حدثت وجلها تتركز حول سرقة السيارات والجوالات والمنازل والمحلات التجارية وخطف حقائب السيدات من خلال الدراجات النارية وغيرها مما يثير العديد من التساؤلات عن أسباب انتشار السرقات وكيفية الحد منها خاصة وأن أصابع الاتهام تشير إلى ضلوع المجهولين والمتخلفين بنسبة كبيرة في تلك الجرائم. وتشير الدلائل إلى أن بعض السرقات تتم من قبل عصابات شبه منظمة يشكلها المجهولون من جنسيات مختلفة, وليس فردا واحدا في كثير من الحالات وتتركز أغلبها في أكبر منطقة في العاصمة المقدسة وهي منطقة المنصور التي تضم ستة أحياء هي(الهنداوية بشقيها, والطندباوي , وزقلة, وجبل غراب, وحارة الزهارين, والرصيفة). ويشير بعض الخبراء إلى أن ضعف العقوبة التعزيرية وعدم إعلان العقوبات التي تم اتخاذها بحق من ثبت تورطهم في جرائم السرقات من أهم أسباب الانتشار. كما أرجعوا ذلك لعمليات تهريب العمالة, خاصة عبر الحدود البرية ,حيث إن العديد من الذين تم القبض عليهم وثبت تورطهم تمت محاكمتهم وإبعادهم عن البلاد ولكنهم عادوا مرة أخرى. وبين الناطق الإعلامي بشرطة العاصمة المقدسة الرائد عبد المحسن الميمان أن أسباب السرقات تختلف بحسب نوعية السرقة فمثلا من أسباب سرقة السيارات الإهمال في ترك السيارة تعمل والنزول لشراء الأغراض من المحلات التجارية. ووضع أشياء ثمينة بداخل السيارة مثل الجوال أو الحاسب المحمول أو حقائب بشكل يدفع ضعاف النفوس لكسر الزجاج وسرقة ما بداخل السيارة وأما سرقة المحلات التجارية فتتم من بعض العصابات أو الأفراد من جنسيات مختلفة و لا تقتصر على فئة بعينها. وأوضح الرائد الميمان أنه مع تطبيق نظام البصمة سيتم منع كل الذين سبق أن أدينوا في جرائم جنائية من دخول البلاد مشيرا إلى أن الشرطة تعمل بالتنسيق مع الجهات المختصة على دراسة أسباب السرقات وإيجاد الحلول العملية للحد منها. وأشار مساعد مدير شرطة العاصمة المقدسة الأسبق اللواء عبد السميع قاضي إلى أنه لابد من إعادة تطوير منطقة المنصور والعمل على تصحيح أوضاع أبناء الجاليات المخالفة ومنحهم إقامات تمكنهم من الحصول على العمل لأن بقاءهم بدون تصحيح أوضاعهم يدفعهم إلى ممارسة الإجرام والقيام بالسرقات. وأوضح الخبير الأمني العميد/م الدكتور محمد البنيان أن هناك جاليات بعينها يقيمون بطريقة غير نظامية وحرموا من العمل والتعليم ويعيشون حالة من الفقر والبطالة والفراغ تدفعهم لارتكاب السرقات وتشكيل عصابات لهذا الغرض إضافة إلى نشل حقائب السيدات في الأسواق وغيرها من الجرائم. مؤكداً أن القضاء على السرقات بشكل نهائي أمر غير ممكن لأن السرقة جريمة موجودة منذ بدء الخليقة ولكن الحد منها يتم من خلال جملة من الضوابط ومنها تطوير الأحياء العشوائية وتصحيح أوضاع تلك الجاليات. وأشار عمدة الرصيفة سامي معبر إلى أن نسبة كبيرة من السرقات تتم من إحدى الجاليات بسبب المرافقين لهم فالواحد منهم يعمل حارسا أو سائقا ومعه من الأبناء ما لا يقل عن العشرين منهم نسبة كبيرة تجاوزت سن ال15 وقد حرموا من التعليم وليس لديهم عمل. وستظل المشكلة قائمة ما لم يتم العمل على إيجاد حل لمشكلة هؤلاء المرافقين بتشغيلهم إما في شركات النظافة العاملة حاليا أو الاستفادة منهم كبديل لفتح الاستقدام من الدول الآسيوية لأن عدم توفير العمل لهؤلاء أو إبعادهم عن البلاد سيدفعهم إلى السرقة وستظل هذه المشكلة قائمة خاصة أن أعدادهم في ازدياد بسبب عمليات التزاوج. ويشير أستاذ علم الاجتماع عادل منور إلى أن انتشار السرقات يحتاج إلى دراسات ميدانية تجريها الجهات المعنية لتحديد أسباب السرقات والتي منها انتشار المخالفين والمجهولين في الأحياء العشوائية التي يصعب الوصول إليها, حيث تنتشر الجرائم الجنائية بكل أشكالها ويعاني أغلب هؤلاء من الأمية والبطالة ولا بد من تصحيح لأوضاعهم أو ترحيلهم. وبين أن بعض الأسر تستعين بعمالة من تلك الجاليات المخالفة وهذه العمالة تدخل المنازل وتتعرف على كافة المعلومات وربما تساعد بني جلدتها على السرقة بعد أن تتعرف على المنزل وساعات تواجد الأسرة. وأكد على أهمية زيادة وعي الأسر السعودية بخطورة تشغيل العمالة غير النظامية وعدم تشغيلها والسماح لها بالعمل تحت أي ظرف لأنها تشكل خطورة على المنازل. ويشير القاضي بالمحكمة الجزئية بمكة المكرمة الشيخ طنف الدعجاني إلى أن السبب الرئيس للسرقات هو الحاجة للمال فالبعض يلجأ للسرقة بسبب حاجته للمال خاصة إذا كان من متعاطي المخدرات وليس لديه المال الذي يمكنه من شراء الجرعات التي يتعاطاها فيضطر إلى السرقة. والبطالة من الأسباب كذلك لأن الشباب الذين ليس لديهم عمل ولا يستطيعون أن يوفروا احتياجاتهم من المال يضطرون إلى السرقة. وكذلك العمالة السائبة التي تترك بدون عمل لأن البعض يستقدمون العمالة ويتركونها سائبة في الشوارع بدون عمل وتلجأ إلى السرقة. وعن العقوبات التي يصدرها القضاة يقول الشيخ الدعجاني إنها تختلف بحسب نوعية الجريمة ومنفذ الجريمة وهل له سوابق إجرامية أم لا لأن البعض مغرر به والبعض مدفوع إلى السرقة وهناك من يحترف السرقة. فالأحكام تتم وفق نظرة القاضي ونتيجة التحقيق التي تجريها الجهات المختصة مع السارق, فالحكم يختلف من حادثة إلى أخرى. وبين أن القضاء على السرقات يتطلب الحد من العمالة السائبة وتصحيح أوضاع المخالفين, مشيرا إلى أن بعض الصغار يقومون بسرقة السيارات كنوع من العبث ولكنها حالات قليلة.