بدلاً من أن يأتي الرأي رأسياً من "الأعلى" إلى "الأسفل"، صار يأتي في الاتجاه المعاكس من "الأسفل" إلى "الأعلى". وبدلاً من أن ينشغل المسؤول بالتوجيهات المنفردة بالرؤية، صارت الأمور تسير مشاركة بين "المسؤول" و"المواطن"، بحيث يقول المواطن رأيه، ومن ثمّ يتخذ المسؤول قراره. هذا هو ملخّص الفكرة التي قلبت الهرم ونزلت ميدانياً إلى الأجهزة الحكومية، لتتحدث إلى الناس و"تستفتيهم" في رضاهم عن أداء الأجهزة الحكومية التي يتعاملون معها، وفي ضوء الاستقصاء الميداني المكثف الذي استمرّ شهوراً طويلة؛ خلصت إمارة المنطقة الشرقية التي نفذت المشروع إلى قائمة طويلة من الأفكار التي من الممكن أن تطور أداء الأجهزة وتحقق "رضا المستفيدين"، سواء كانوا مواطنين أو مقيمين. وعلى مدى عام تقريباً؛ تحوّل المشروع إلى قصة مليئة بالتفاصيل، شاركت فيها جهات استشارية، وأجهزة حكومية، وتضمنت ورش عمل مكثفة. ومن المنتظر أن تصل الخلاصات بوضوح إلى كلّ مسؤول في المنطقة ليعمل على تحسين أداء إدارته وتطوير الإجراءات ليحقق الرضا المطلوب. مشروع ميداني لم يكن اتخاذ قرار تطبيق مشروع يقاس من خلاله رضا مراجعي الدوائر والأجهزة الحكومية بالمنطقة الشرقية عن مستوى الخدمات المقدمة لهم من تلك الأجهزة، قراراً سهل التنفيذ، لما سيواجهه من صعوبة تحقيق رضا جميع "المستفيدين" المتعاملين مع الأجهزة الحكومية، إلا أن المنطقة الشرقية رأت أنه من الممكن تحقيق أكبر معدل من خلال تنفيذ مشروع "قياس رضا المستفيدين من خدمات الأجهزة الحكومية بالمنطقة". هذا ما أكده المشرف العام على المشروع الأمير فهد بن جلوي الذي يشغل منصب مدير إدارة الدراسات بإمارة المنطقة. وفي جولته الأولى أحاط المشروع ب 61 إدارة حكومية رئيسية في المنطقة. وكان "الرضا" عن الخدمات الحكومية هدفاً للمشروع الذي يعكس "الاهتمام" بالمواطن، ويعزز "حقوقه"، ويعكس "قيمته" كفرد. وبعد عام كامل تقريباً من مباشرة العمل الميداني لفرق المشروع، ها هو المشروع يجني ثماره، ويحقق نتائجه الإيجابية التي بذلت إمارة المنطقة الشرقية كل جهودها للوصول إليها، ليأتي الرأي من القمة لحث المسؤولين عن المشروع على تقديم المزيد، ومباركة جهودهم. جني الثمار ومن تلك الثمار التي جناها مشروع قياس رضا "المستفيدين" في الشرقية، ثمرة أخرى تعكس إيجابية العمل والنتائج، جاء فيها الرأي المبارك للمشروع من قمة الهرم الحكومي في المملكة، عبر خطاب شكر وجهه النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية، صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود، أمس، إلى أمير المنطقة الشرقية رئيس مشروع قياس وتحقيق رضا المستفيدين من خدمات الأجهزة الحكومية بالمنطقة، الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز، على التقرير المفصل الذي تضمن النتائج العامة للمشروع، وما سيتم تنفيذه في المرحلة القادمة استناداً إلى نتائج المسح الميداني للمشروع. مراحل المشروع 4 مراحل متتالية هي ما تضمنته خطة عمل المشروع، لإبراز الجهود التي بذلت للوصول إلى نتائج تساهم في تحقيق رضا المتعاملين مع الأجهزة الحكومية. وتضمنت المرحلة الأولى، وهي مرحلة "القياس"، عددا من الخطوات الإجرائية، في حين جاءت المرحلة الثانية للتعريف بالمشروع وتسليط الضوء على أهدافه، أما المرحلة الثالثة فاشتملت على تقديم الدعم الاستشاري للأجهزة الحكومية، بينما تركز المرحلة الرابعة على تنفيذ البرامج التدريبية وورش العمل فيها. البدء الفعلي يوم 28 من شهر فبراير من عام 2010م، كانت الانطلاقة الفعلية التي شهد فيها "الميدان" نزول الفرق، وقد بدأت عملها الميداني في مدينة الدمام ومحافظات المنطقة، لتقابل المراجعين المستفيدين من خدمات الأجهزة الحكومية في المنطقة وتقف على آرائهم وملاحظاتهم، وبالتالي قياس مستوى رضاهم عن أسلوب وكفاءة الخدمات من خلال نماذج مصممة ومحكّمة من ذوي اختصاص في خدمة العملاء، وقياس الرأي، ورصد تطلعاتهم، بهدف سد الفجوة بين تلك التوقعات، والواقع الفعلي لمستوى تلك الخدمات التي تقدمها الأجهزة الحكومية بالمنطقة الشرقية. وبعد 4 أشهر من البدء الفعلي، سجل المشروع نتائج ملموسة في المرحلة الأولى منه، وجاءت نتائجه في شهر يونيو من العام الماضي، في تقريرٍ مفصل اشتمل على النتائج العامة لرضا المستفيدين من خدمات 61 جهازاً حكومياً من الأجهزة الحكومية في المنطقة الشرقية، كما تناول أيضاً طريقة سير عمل المشروع في دورته الأولى. دور المواطنين ولم يكن نجاح المشروع مقصوراً على دور الأجهزة الحكومية، إذ أتى تفاعل "المواطنين" مع المشروع عاملاً مهما ومؤثراً في النجاح، فأيام المرحلة الأولى من المشروع، شهدت إلى جانب تعاون الأجهزة الحكومية، مشاركة فاعلة للمواطنين والمقيمين بتعاونهم مع المختصين، وأعضاء الفرق الميدانية أثناء تعبئة الاستبانات الخاصة بقياس الرضا، ووعيهم بأهمية الأهداف التي يرمي المشروع إلى تحقيقها، وفي مقدمتها الارتقاء بالخدمات المقدمة لهم، وتحسين مستوى رضاهم عنها، إذ نفذت مجموعة من ورش العمل للتعريف بالمشروع، وأهدافه، وجوانب القياس، والمعايير المتبعة فيه، وذلك في عدد من محافظات المنطقة، ومنها، الدمام ، والأحساء وحفر الباطن، والجبيل، والقطيف، وشهدت تلك الورش مشاركة 120 مسؤولاً حكومياً، وذلك وفقاً للجدول الزمني الذي تضمنته الخطة المعتمدة من قبل أمير الشرقية. وبعد توزيعها لأكثر من 6 آلاف "استبانة" في مختلف محافظات المنطقة في الدورة الأولى للمشروع، انتهت الفرق الميدانية للمشروع من قياس رضا المستفيدين من خدمات الأجهزة الحكومية في شهر يونيو من العام الماضي، إذ قام الفريق الفني بتحليلها واستخراج النتائج بالاستعانة بمركز الأبحاث والدراسات (سينوفيت). ورفعت النتائج لأمير الشرقية لاعتمادها. شريك حقيقي رئيس اللجنة العليا للمشروع الأمير فهد بن عبدالله بن جلوي، أكد ل "الوطن" أن المشروع يمثل شريكاً حقيقياً وفاعلاً لجميع الأجهزة الحكومية في المنطقة، لتمكينها من تحسين مستوى الخدمات، سواء من خلال الدراسات الميدانية التي ينفذها المشروع، أو من خلال الدعم الاستشاري الذي يقدمه للأجهزة الحكومية بالمنطقة، وقال إن ما حققه المشروع في مرحلته الأولى كان بدعم وتوجيه ومتابعة أمير المنطقة الشرقية، ونائبه. توصيات قابلة للتطبيق وبالرغم من صعوبة تحقيق رضا جميع المتعاملين مع الأجهزة الحكومية، إلا أن المنطقة رأت أنه من الممكن تحقيق أكبر معدل من خلال تنفيذ مشروع قياس رضا المستفيدين من خدمات الأجهزة الحكومية بالمنطقة. وأوضح رئيس اللجنة العليا أن الإمارة زودت الأجهزة الحكومية الخدمية بتقارير مفصلة عن رضا المستفيدين من خدماتها. ولم يقتصر الموضوع على ذلك بل شمل ورش عمل للأجهزة نفسها بهدف الاستفادة من نتائج التوصيات التي تضمنتها التقارير، علاوة على تقديم الدعم الاستشاري للأجهزة، خاصة أن التوصيات التي تضمنتها التقارير امتازت بقابليتها للتطبيق، إذ إنها تتيح لمسؤولي الأجهزة الحكومية التعرف على أولويات المستفيدين من الخدمة وكيفية تحقيقها. ورشة عمل كانت ورش العمل نقاشاً مليئاً بالتفاصيل، وفيها اطلع المسؤولون على الأولويات التي يراها المراجعون، وبحثاً مستفيضاً في التوصيات وآليات التطبيق، التي نفذها المشروع، والتي ركزت على 3 محاور رئيسة، هي كيفية قراءة تقارير رضا المستفيدين، وآليات تطبيق فرص التحسين المشتركة، وآليات تقديم الدعم الاستشاري للأجهزة الحكومية من خلال المشروع. ويؤكد الأمير فهد بن جلوي ل "الوطن" أن العمل لا يزال مستمرّاً، موضحاً أن استطلاع آراء المستفيدين قدم كمّاً هائلاً من الملاحظات التي تخصّ أداء الأجهزة، وأن كافة النتائج تمّ تحويلها إلى توصيات جادة وإبلاغها المسؤولين في المنطقة ليقوموا بدورهم بتحويلها إلى عمل حقيقي يستفيد منه المراجعون. خدمة المستفيدين والمشروع الذي انطلق أوائل العام الماضي يرأسه أمير المنطقة الشرقية الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز، بينما يشغل فيه الأمير فهد بن عبدالله بن جلوي منصب رئيس اللجنة العليا، وفيصل بن أحمد العثمان نائب رئيس اللجنة العليا، وعبدالله بن ناصر العسكر مديراً تنفيذياً للمشروع الذي يتيح للمستفيدين إبداء آرائهم من خلال الموقع الإلكتروني: www.qiaas.org والرابط الموصل للاستمارة الخاصة بالتقييم: www.qiaas.org/qiaas/govagencyevaluation.aspx