سعى النظام المصري لإعادة تأهيل نفسه، من خلال حزمة من الإجراءات والوعود التي تضمن إعادة الاستقرار للبلاد، لكن المتظاهرين في ميدان التحرير، الذين دخلوا يومهم الثاني عشر، رفضوا هذه الإجراءات، وتوعدوا ب "استمرار تظاهراتهم المليونية". فقد قرر الحزب الوطني الحاكم أمس تعيين الدكتور حسام بدراوي، الذي تصفه المعارضة بالاعتدال ويحظى بثقة في الشارع، أمينا عاما للحزب، وأمينا للجنة السياسات خلفا لصفوت الشريف، وجمال مبارك. ويوصف الشريف بأنه زعيم تيار الصقور في الوطني، في حين يمثل بدراوي تيار الحمائم. يأتي هذا فيما قدم أعضاء هيئة مكتب "الوطني" استقالاتهم من هيئة مكتب الحزب، والتي كانت تضم في عضويتها، بالاضافة إلى الشريف وجمال مبارك الذي كان أمينا عاما مساعدا للحزب، علي الدين هلال أمين الإعلام وأحمد عز أمين التنظيم، وزكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية. واستبعد القانوني المعروف الدكتور شوقي السيد، في تصريحات إلى"الوطن" "تأثير استقالة الشريف على رئاسته لمجلس الشورى، وقال "الشريف كان عضوا في مجلس الشورى، وانتخب رئيسا للشورى"، لكن خبراء قانونيين قالوا ل"الوطن" "إن موقف الشريف في رئاسة الشورى قد يكون مزعزعا". وقوبلت الأنباء عن إطاحة صفوت الشريف وجمال مبارك من الحزب بارتياح شديد في الأوساط الشعبية، خصوصا أن هذا القرار ينهي بما لا يدع مجالا للشك أي فرصة لترشح جمال مبارك لمنصب الرئاسة في ظل الأوضاع الدستورية القائمة. وعقد مبارك اجتماعا وزاريا مصغرا للمرة الأولى منذ بدء الأحداث، حيث ناقش مع الوزراء كيفية استعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه. وطمأن رئيس الوزراء أحمد شفيق المصريين بأن الوضع في البلاد بدأ يتحسن تدريجيا، في ما يتعلق بتوفير الاحتياجات الأساسية والمواد الغذائية والوقود. وردت مصر أمس على حديث الزعيم الإيراني علي خامنئي الذي طالب فيه "الجيش المصري بإسقاط النظام، وإقامة دولة إسلامية". وقال وزير الخارجية أحمد أبو الغيط "إن كلام خامنئي يستحق الإدانة لأنه تخطى كافة الخطوط الحمراء في تناول الشأن المصري من منظورعدائي وحاقد". وأضاف "خامنئي كشف عن مكنون ما يعتمل في صدر النظام الإيراني من أحقاد تجاه مصر ومواقفها السياسية"، وأنه "لم يفاجأ بما تضمنه من تطاول". على صعيد آخر، نشأت بعض التوترات أثناء قيام قوات من الجيش بإزالة حافلات الشرطة المحترقة في أرض الميدان، مما دفع المتظاهرين للوقوف أمام الدبابات للحيلولة دون إخلاء الميدان. وطالبوا ببقائها على أطراف الميدان مخافة أن يقوم بعض "البلطجية" من المؤيدين للرئيس المصري باقتحامه، للتنكيل بهم، وإجبارهم على مغادرته. وضربت قوات الجيش طوقا أمنيا محكما حول ميدان التحرير، وسمحت بالمرور إلى الداخل من نقاط محدودة، وضيقة، وعبر إجراءات تفتيش صارمة، خلفت طوابير طويلة. وعند نهاية كبري قصر النيل، والتقائه بالميدان، تجمع عشرات المتظاهرين المؤيدين لمبارك، وبدؤوا يحتكون ويستفزون آلاف المعارضين الذين لم يستجيبوا لاستفزازاتهم. وفشلت اللجنة التي شكلها مجموعة من السياسيين والمعارضين وأطلق عليها "لجنة الحكماء" في التوصل لصيغة للتحاور مع المتظاهرين، وأصدرت اللجنة بيانا تضمن مجموعة كبيرة من المطالب، في مقدمتها تكليف نائب الرئيس المصري عمر سليمان بإدارة المرحلة الانتقالية. وتحدثت "الوطن" مع أحد قيادات مظاهرة التحرير مصطفي النجار وقال "لن نقبل ببدائل دون تنحي الرئيس مبارك عن الحكم"، وأضاف" الدكتور أحمد كمال أبو المجد (القانوني المعروف وعضو لجنة الحكماء) جاء ليقنع المتظاهرين بقبول بعض المقترحات لكن الجميع رفض مقترحات اللجنة طالما ظل الرئيس في السلطة". وأعلن المعتصمون في ميدان التحرير بدء فعاليات "أسبوع الصمود" للمطالبة برحيل مبارك، وعدم مغادرتهم الميدان حتى تتم تلبية كافة مطالب الشعب المشروعة، وفي مقدمتها تنحيه. ودعا المحتجون إلى تنظيم مظاهرات مليونية حاشدة أيام الأحد والثلاثاء والجمعة، في حال عدم الاستجابة لمطالبهم. وأطلقت السلطات المصرية أمس سراح اثنين من موظفي منظمة العفو الدولية، كانا اعتقلا في القاهرة خلال الأيام الماضية. كما قالت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان المصرية "إن السلطات المصرية أطلقت سراح جميع النشطاء الحقوقيين الذين كانت اعتقلتهم الخميس الماضي، ومن بين المفرج عنهم الباحث بمنظمة هيومن رايتس وتش الحقوقية الدولية دانييل وليامز، ومدير مركز هشام مبارك للقانون أحمد سيف، والمحامي بالمركز محسن بشير. وواصلت وسائل إعلام عربية ودولية الشكاوى من "عمليات تضييق واستهداف"، بعدما تعرض مكتب فضائية الجزيرة في القاهرة لعملية نهب من مجهولين، كما اعتقلت السلطات، مديره عبد الفتاح فايد، والصحفي أحمد يوسف". وقام وزير الداخلية المصري اللواء محمود وجدي بجولة تفقدية لعدد من أقسام الشرطة التابعة لمديرية أمن القاهرة لمتابعة سير وانتظام العمل بها، مشددا علي ضرورة تحسين معاملة المواطنين، وضرورة تفعيل شعار(الشرطة في خدمة الشعب).