بداية: هل تستطيع تكرار العنوان أعلاه ثلاث مرات وأنت مغمض عينيك؟. لا تتحمس لذلك لأنها ليست مسابقة، بل هي مسمى وظيفي موجود حاليا في أغلب الجامعات في المملكة، وهذا المسمى الوظيفي يذكرنا بنكتة سوداء، وبتصريف محتواها ليتناسب مع سياق موضوع المقال أصبحت تقول: تم عمل سباق تجديف بين فريقين عربي وياباني، وكان كل فريق يضم تسعة أشخاص، وفي نهاية السباق وجدوا أن الفريق الياباني انتصر بفارق كبير، وبتحليل النتيجة وجدوا أن الفريق الياباني يتكون من (كابتن قارب) وثمانية (مجدفين)، أما الفريق العربي فيتكون من ثمانية أشخاص بمسمى (كابتن قارب) وشخص واحد بمسمى وظيفي (مجدف)، وحاول الفريق العربي تعديل التشكيل ليتكون من مدير واحد مثل الفريق الياباني، وبعد أن تمت إعادة السباق مرة أخرى، تبين أن سبب هزيمة الفريق العربي في هذه المرة أنه قام بإعادة هيكلة فريقه ليتكون من المناصب والمسميات الوظيفية الآتية: (مدير عام الإدارة العامة لإدارة المركب)، وثلاثة أشخاص بمسمى وظيفي (مدير إدارة) وأربعة أشخاص بمسمى وظيفي (رئيس قسم)، وشخص واحد تم تعديل مسماه الوظيفي إلى (فني تجديف)، وبعد الهزيمة قرر الفريق العربي تهدئة الرأي العام باتخاذ قرار صارم ضد المتسبب وتم فصل (فني التجديف). خلاصة القول، إن لدينا اعتقادا سائدا بأن إعطاء أي منصب قيادي حتى وإن كان (قائد فريق الحارة في لعبة الكيرم)، هو قمة التكريم لهذا الشخص المتميز في مجال عمله، فتجد أن أغلب المستشفيات لدينا، بما فيها (المرجعية) على مستوى المملكة، تختار أفضل طبيب لديها في الجراحة مثلا وتقوم بتسليمه منصب (مدير......)، وقس على ذلك الممرض الناجح والمعلم والطيار والكاتب والرسام وحتى الضابط والمهندس اللذين نجحا في الميدان، ولم نجد لهم تكريما سوى أن تصاب أدمغتهم وأيديهم التي نجحت عمليا وميدانيا بالشلل التام، عن طريق تحويلهم إلى مكاتب إدارية تحتاج إلى موظف لديه من القدرات نقيض ما لدى هؤلاء الذين خلقوا ليتميزوا في الأعمال المهنية وليست المكتبية التي تم تحويلهم إليها، وما يزيد الطين بلة، هو قبول هذا الناجح عمليا بهذا المنصب الإداري الجديد، معتقدا أن هذه الطريقة ستبقيه مستمرا بتحقيق إنجازاته، وينزعج بعد أن يتم ركنه على الرف أخيرا، ليكتشف حينها أن المسمى الوظيفي وحده لا يصنع النجاح.