يضع زوار محافظة الأحساء في المنطقة الشرقية «المدرسة الأميرية» التي تعرف بمدرسة الهفوف الأولى، الأيقونة التعليمية الأولى ضمن خارطتهم السياحية، لما تحتضنه من إرث معماري وتاريخي وتعليمي كبير، حيث يمتد تاريخها إلى عقود من الزمن، وقد أبرزت خلال هذا التاريخ شخصيات تقلدت فيما بعد حقائب وزارية في البلاد، كما عزز من أهميتها زيارة الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- لها عام 1931، لتفقد أحوالها. وأعجب الملك عبدالعزيز -رحمه الله- بالمدرسة، فأمر آنذاك نجله الأمير فيصل بن عبدالعزيز آل سعود -الملك فيصل فيما بعد- بفتح المدرسة، حيث يربط المتابعون بين تلك المدرسة.
بيت الثقافة تعدّ المدرسة الأميرية التي يطلق عليها أيضا «بيت الثقافة»، من أقدم المدارس الحكومية، من خلال انطلاقها 1356، وافتتاحها رسميا في محرم 1360، تحت رعاية الأمير سعود بن جلوي أمير الأحساء في ذلك الوقت، إذ تختزن تاريخا وصفحات لمجموعة من الشخصيات والأعلام في مجالات الأدب والثقافة والاقتصاد، من أبرزهم مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل، الذي درس القرآن الكريم والسنتين الأولى والثانية الابتدائيتين في الأحساء، ووزير البترول والثروة المعدنية -سابقا- المهندس علي النعيمي، ووزير العمل السابق الدكتور غازي القصيبي، رحمه الله، وقد تخرجت أول دفعة في المدرسة، التي بلغ عددها 70 طالبا، سنة 1943.
طراز إسلامي يقول مدير عام الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالأحساء خالد بن أحمد الفريدة، إن المدرسة الأميرية أطلق عليها أولاً المدرسة الأميرية ثم مدرسة الأحساء الأولى، وأخيرا مدرسة الهفوف، والآن قامت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالأحساء بتسميتها ب«بيت الثقافة»، وقد تخرج فيها عدد من المسؤولين في الدولة، ويغلب على تصميمها الطراز الإسلامي، قبل أن يتم إغلاقها ليكون مقرا للشرطة في مبنى الحميدية بجوار سوق القيصرية. وتحيط بالمدرسة التي بنيت عام 1937، وافتتحت في فبراير 1941، أسواق شعبية، أبرزها سوق الخضار، وسوق القصابية، وسوق اللحوم، وسوق الذهب، وسوق القصيرية التاريخي، وتتكون المدرسة من المدخل الرئيسي في وسط الضلع الشرقي للمبنى، وتتميز ببوابته ذات الدورين، حيث تعلوها شرفة، كما يقود المدخل إلى جناحين بغرف كبيرة نسبيا عن باقي الغرف، ومدخل آخر يقود إلى الفناء بالشكل الخلاب، كما يشمل الموقع الحالي للمبنى، والساحة التابعة، ويحدها من جهاتها الشرقية والجنوبية والشمالية شوارع، وهو بمساحة 1200م.
تصميم تم بناء وتصميم المدرسة على الطراز الإسلامي العربي، ويبرز عن الجدار الشرقي للمبنى باتجاه الشرق مشكّلاً شرفة يُصعد إليها من الداخل عبر سلم درج على جانبي المدخل ويتوج المدخل أربعة عقود، اثنان مقابلان للباب المؤدي إلى داخل المدرسة يحملهما ثلاثة أعمدة، والآخران متقابلان يعلوان نهاية درج المدخل من أعلى، وتتخلل جدران المبنى الخارجي من الجهات الشمالية والشرقية والجنوبية نوافذ كبيرة مستطيلة الشكل تطل من خلالها غرف المبنى على الشارع، ويتوسط المبنى من الداخل فناء مربع الشكل تقريبا تحيط به من الجهات الأربع أروقة تحملها عقود نصف دائرية تتوج صفوف الأعمدة المطلة على الفناء، بحيث تبرز فنون العمارة المحلية المستقاة من فنون العمارة العربية والإسلامية، ويوجد بهذه الأروقة عدة أبواب تنفذ من خلالها إلى قاعات الدراسة.
متحف المدرسة الأميرية على الرغم من تاريخها الطويل والترميم الذي طالها إلا أنها لا تزال تحتفظ في بنائها بالحجر والجص، حيث كسيت جدرانها بالجص ذي السطح الناعم، أما الأسقف فاستخدم في معظمها خشب الكندل المغطى بالباسجير وحصيرة البامبو، ثم بطبقة طينية، وبعضها بجذوع النخل، فيما وضعت في السطح مرازيم (مزاريب) على الشوارع المحيطة، ويوجد بالمدرسة بئر ماء في الجهة الجنوبية، فيما تحوّل اسم المدرسة في إحدى الحقب إلى اسم المدرسة الأولى، وضم المبنى أيضا مراحل تطور التعليم المتوسط والثانوي، ثم بُنيت بجوارها مدرسة حديثة باسم مدرسة القدس. وتم تأهيل المبنى فيما بعد، مقراً لفرع الجمعية السعودية لعلوم العمران بالأحساء، حيث يأتي هذا كجزء من التعاون بين وكالة الآثار والجمعية السعودية لعلوم العمران، ثم تسليم المبنى لفرع الأحساء لتأهيله مقرا للفرع، وإعادة هيكله الإنشائي والمعماري القديم، بإضافة الدور الأول والبواهية وتأهيله مقرا للجمعية ومركزا حضاريا بالهفوف ليضم أيضا متحفا وتاريخ التعليم وساحة عرض مناسبات وصالة ومركز تدريب وقسما نسائيا.
المدرسة الأميرية اكتسبت شهرتها من زيارة الملك المؤسس لها
افتتحها الأمير فيصل بن عبدالعزيز (الملك فيصل لاحقا)
درس فيها شخصيات بارزة في مقدمتهم الأمير خالد الفيصل والمهندس علي النعمي والدكتور غازي القصيبي