قال موقع معهد brookings، في تقرير له، إنه بعد ثمانية سنوات من الثورة ضد نظام بشار الأسد، وما خلفته من حرب أهلية في سورية، لا تزال الدولة مضطربة للغاية، وإن الولاياتالمتحدةوروسيا وغيرهما من القوى الإقليمية الأخرى جميعها متشابكة في الصراع بطريقة أو بأخرى وبأهداف مختلفة في سورية. وتناول التقرير آراء خبراء المعهد، فيما يتعلق بأوضاع تلك القوى في سورية، وكيف تستطيع الولاياتالمتحدة أن تغير من استراتيجيتها الحالية في سورية، لاسيما وأن حضورها في هذا البلد نجم عنه نتائج إيجابية في وقت لم يهزم تنظيم داعش بالكامل، رغم التدهور الكبير الذي لحق به في الآونة الأخيرة. وأوضح الخبراء أن الاستراتيجية الجديدة للولايات المتحدة في سورية يجب أن تعتمد أولا على هزيمة بقايا تنظيم داعش الإرهابي، وأن تعمل على منع ظهور هذه الجماعة مجددا، كذلك تقويض نفوذ إيران وميليشياتها الإرهابية.
موقف الإدارة الأميركية
وتطرق الخبراء إلى إعلان الرئيس ترمب في 19 ديسمبر 2018، عن الانسحاب العسكري للولايات المتحدة من سورية، وقوله بأنه قد تم هزيمة تنظيم داعش، في تصرف مفاجئ أثار الجدل حول دور أميركا في الشرق الأوسط، خاصة وأن الرئيس لم يقم بتنسيق القرار مع مستشاريه الكبار، فيما قام مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، وزير الدفاع جيمس ماتيس، بنشر بيان معلنين فيه بأن الولاياتالمتحدة ستبقى في سورية كي تواجه إيران وتضمن تحقيق أهداف سياسية أخرى، لقد أصبح للحلفاء أسباب أقل كي يثقوا بالمستشارين، الذين يتكلمون بالنيابة عن ترمب، وبالنيابة عن أميركا.
بقايا داعش نقل التقرير عن الخبراء قولهم إن جانب كبير من تنظيم داعش لا يزال موجودا في سورية، بالرغم من ادعاءات ترمب بهزيمته، مشيرا إلى أن داعش لايزال يمتلك 30.000 مقاتل كحد أقصى في سورية والعراق، بينما الميليشيات التابعة لإيران بدأت تصبح راسخة في المشهد السياسي، وهي تعزز من مكاسبها. وأضافوا أن تنظيم داعش قد يكون خسر ما يسمى ب»الخلافة»، وهو في حالة من التراجع، ولكنه مازال بعيدا عن الهزيمة الكاملة، ومستمر في تشكيل خطورة على سورية والعراق. ورأى الخبراء أن الولاياتالمتحدة لا تزال ذات دور لتلعبه في سورية، مضيفين «أنه بالرغم من أن إدارة ترمب لم تتسبب في صنع لغز سورية هذا، إلا أنه يجب عليها أن تساعد في حله بشكل مسؤول»، لافتة إلى أن وفيات جنود الولاياتالمتحدة في منبج بعد الانفجار الانتحاري الداعشي، قبل أيام توضح مدى خطورة وتقلب الوضع في سورية».
روسياوإيران وإسرائيل حسب الخبراء، فإنه مع انسحاب قوات الولاياتالمتحدة من سورية، فإن هذا الأمر سيعطي خصوم أميركا دورا أكبر في المنطقة، وقالوا «بعيدا عن مخاوف داعش، فإن انسحاب الولاياتالمتحدة سيترك بلا شك فراغا واسعا سيملؤه أعداء أميركا»، موضحين أن إيران ستمتلك في سورية قدرة كبيرة لتشكيل النطاق السياسي نتيجة انسحاب القوات الأميركية، وستزيد نفوذها في سياسات واقتصاد وأمن سورية، وكذلك موارد إعادة الإعمار، التي مازالت في مرحلة ترقب ما سيضخه المجتمع الدولي على الدولة. وأضاف الخبراء أنه مع زيادة الدور الإيراني، فإن احتمالية الصراع مع حليفة الولاياتالمتحدة إسرائيل يلوح في الأفق بشكل أكبر: «بالنسبة لإسرائيل هناك خطوة أكبر من المواجهة الكبرى مع إيران على سورية، حيث إن تل أبيب لن تمتلك أي سبب كي تعتقد بأن الولاياتالمتحدة موجودة هنالك كي تساعد على حمايتها». وأوضح الخبراء أن روسيا ستكون مرجحة بألا تكون قادرة على احتواء النفوذ الإيراني في سورية، خاصة وأن تأثير موسكو على طهران، أو حتى نظام الأسد، مثير للشكوك، ومن ثم فإن خروج القوات الأميركية، قد يتسبب في أن تلعب إيران دورا أكبر بسورية. صورة مأساوية ورسم الخبراء في نهاية التقرير صورة مأساوية لسورية بعد ثمانية سنوات من الحرب، مشيرين إلى أن الحرب جعلت المدن السورية في حالة من الدمار، واقتصادها في حالة من الانهيار، وشعبها في حالة من التشرد، لافتين إلى أن تكلفة إعادة الإعمار تقدر ب700 مليار دولار». وقال الخبراء إن النظام السوري ينوي أن يستخدم إعادة الإعمار كي تعيد فرض سلطته، وتحكمه على مجتمع واقتصاد البلاد، فضلا عن تعديل ديموغرافية سورية، من أجل تحقيق ما وصفه الأسد بمجتمع أكثر صحة وتجانسا.
تركيا والاتحاد الأوروبي ووفقا للخبراء فقد دخلت تركيا النزاع في سورية، بمجرد أن «فشل أوباما، في العام 2013، في الالتزام بخطه الأحمر، فيما يخص استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين، حيث بدأت تركيا في هذا التوقيت العمل على الإطاحة العنيفة بنظام بشار الأسد. وقال الخبراء إنه مع انسحاب الولاياتالمتحدة، فإن الدور الذي يجب أن تحدده واشنطن لأنقرة هو عدم مهاجمة القوات الكردية وإجبار تركيا على جمع جميع الأسلحة الثقيلة من الجماعات الموالية لها. وأضافوا أنه مع استمرار الصراع، وظهور الحكومات الشعبوية بشكل عالمي، فإن الاتحاد الأوروبي يجب أن ينشأ استراتيجيات كي يساعد اللاجئين السوريين على المدى البعيد، كذلك تطوير الخطط التي قد تساعد على نقل اللاجئين إلى الاقتصاد الرسمي، وفي نفس الوقت إنشاء فرص للسكان المحليين هي الطريقة الواعدة المستقبلية.
أسباب المطالب تقديرات بوجود 30 ألف مقاتل داعشي في سورية والعراق إيران ستمتلك تحركا أكبر في سورية نتيجة انسحاب القوات الأميركية التشكيك في قدرة روسيا على تحجيم النفوذ الإيراني انسحاب الولاياتالمتحدة سيترك فراغا واسعا سيملأه أعداء أميركا محاولات النظام السوري إعادة سلطاته واستغلال عمليات إعادة الإعمار