موظف حكومي أصدرت بحقه الجهة الإدارية -التي ينتمي إليها- قرارين، نقله، والحسم عليه، مما جعله يتظلم إلى المحكمة الإدارية، وبعد سؤاله ظهر للقاضي أن المدعي لم يتظلم في المواعيد المحددة، وكان من المفترض بعد علمه بالقرارين قبل رفع الدعوى أمام المحكمة الإدارية، أن يتظلم إلى وزارة الخدمة المدنية أو تنقضي مدة تسعين يوما من تطبيق النظام عليه، فاعترض المدعي بأنه يجهل النظام فيما يخص المدد التي يجب مراعاتها في رفع الدعوى. صدر الحكم برفض الدعوى شكلا لأن العذر بجهل النظام لا يعفي المدعي من التظلم من قرار إداري قبل الميعاد، إذ إنه بنشر النظام يفترض علم الناس جمعيا بصدوره ويعاملون وفق أحكامه. (رقم 188/ ت/ 5/ لعام 1427ه). هذا الموظف مثله ملايين المواطنين الذين تضيع حقوقهم لجهلهم بالنظام، وآخرون ينتهكون حقوق غيرهم، ويعتدون على مصالح المجتمع لغفلتهم عن محتوى النظام الذي ينظم هذه العلاقات، ومن هنا تأتي أهمية دراسة القانون في مراحل التعليم العام. دعونا نتنبأ بما سيكون عليه مستقبل المواطن بعد عشر سنوات من تنفيذ قرار تدريس القانون في مدارس التعليم العام. في ظني أننا سنكون أمام جيل تمكن من معرفة حقوقه فطالب بها، وواجباته فأداها، جيل يحترم سيادة القانون، ويخفض لها جناح الطاعة، جيل تقل فيه نسبة الجريمة وانتهاك القانون، جيل يشارك في التقدم والتطور والإبداع. إقرار تدريس مبادئ القانون سيكشف الظلام عن أهمية القانون في ترسيخ مبادئ العدل، ويلقي الضوء على معالم تشكيل الدولة التي ينتمي إليها الطالب، ويثير الفضول إلى معرفة النظام والعلم به، وهذا مع عدم كفايته يمثل خطوة أولى في الاتجاه الصحيح تتبعها خطوات تصل بنا إلى مصاف الدول المتقدمة، ليصح فينا قول القائل: من لي بمثل سيرك المدللِ *** تمشي رويدا وتجيء في الأولِ.