قال مدير عام مؤسسة الفكر العربي البروفسور هنري العَويط، إن التقرير العربي العاشر للتنمية الثقافية، يندرج في صلب رسالة المؤسسة، وفي صميم نشاطاتها، لافتا إلى أن المؤسسة أولت منذ انطلاقتها الأولى سنة 2000 قضايا التنوير والتنمية والتطوير في العالم العربي اهتمامها البالغ، مشددا على المردود التنموي لمنظومة البحث والابتكار، والثقافة العلمية، والنشر العلمي، مسلّطا الضوء على أنشطة البحث العلمي والتكنولوجيا والابتكار، وما شهدته من تطورات عميقة واكتشافات مذهلة على الصعيد العالمي. أهمية التقرير جاء ذلك خلال ندوة عقدتها مؤسسة عبدالحميد شومان بالتعاون مع مؤسسة الفكر العربي حول التقرير العربي العاشر للتنمية الثقافية «الابتكار أو الاندثار: البحث العلمي العربي: واقعه وتحدياته وآفاقه»، في مقر منتدى شومان في الأردن، بحضور باحثين وأكاديميين ومختصين في القضايا الثقافية والعلمية. استهلت الندوة الرئيسة التنفيذية لمؤسسة شومان فالنتينا قسيسية، فأكدت أهمية التقرير التي تتبدى من خلال الموضوعات التي يبحثها؛ فالبحث العلمي يمثل اليوم شريانا رئيسا لتقدم الأمم والشعوب؛ أما الابتكار، فهو التطبيق العملي للجهود البحثية التي تستطيع أن تتخطى التحديات المفروضة على المجتمعات، ونقلها من طور إلى آخر. ولفتت إلى أن التقرير يمثل خطوة مهمة، ويؤشر إلى الاختلالات الكثيرة التي يعاني منها البحث العلمي العربي، وهو ينظر بعين الأهمية إلى ضرورة الالتفات إلى الذكاء الاصطناعي والثورة الصناعية الرابعة.
التكامل العربي الأمين العام للمجلس الوطني للبحوث العلمية الدكتور معين حمزة، اعتبر أن التقرير يحمل الكثير من الأدلة المهمة، وخصوصا أن ما تمر به البلدان العربية الآن من أزمات يعود إلى فشل وقصور مُزمنين في تمثل المعرفة واستثمارها وتطويعها وإعادة إنتاجها، من أجل إحراز غايات التنمية الشاملة والمُستدامة. ولفت حمزة إلى أن التقرير حاول الإجابة عن سؤالين اثنين: هل يمثل البحث العلمي أساسا كافيا لضمان التكامل العربي؟ ولماذا لا تهتم الجامعات في الوطن العربي بإنشاء مراكز أبحاث؟ وأكد أن البلدان العربية تعاني من شح الدراسات والأبحاث في مضمار العلوم الاجتماعية وتطبيقاتها على أصعدة التنمية المختلفة، معتبرا أنها لن تتمكن بالتالي، من تحقيق غايات التنمية وتكريس الانسجام المجتمعي.
مراجعة المقررات الدراسية أكد الأمين العام لاتحاد الجامعات العربية الدكتور عمرو سلامة، أن التعليم حق من حقوق الإنسان، ولا ينبغي أن يُحرم منه فرد لأسباب اقتصادية أو عرقية أو دينية أو جهوية، ذلك أن الفيصل الوحيد هو قدرته على الاستمرار في تلقيه والنجاح في اجتياز متطلباته الأكاديمية المقررة. ودعا إلى مراجعة المقررات الدراسية بشكل دوري، كي تواكب في محتواها التطورات الراهنة في العالَم، لجهة أساليب التعليم والتدريب والتقييم والمعايير الراهنة، مشددا على أن دعم البحث العلمي من خلال توفير التمويل اللازم له هو من مسؤولية الدولة، إلى جانب الجهات الأخرى المستفيدة من مؤسسات المجتمع الحكومية وغير الحكومية. وأوضحت المديرة التنفيذية لمركز الإسكوا للتكنولوجيا ريم نجداوي، أن الدراسة التي أجراها المركز حول التنمية المستدامة سنة 2015، لاحظت أن دعم منظومة الإبداع والابتكار وتشجيع الاستثمار في البحث العلمي والتطوير التكنولوجي، لا يمكن لها أن تتحقق إلا بدعم الحكومات. ولفتت إلى أن المنطقة العربية هي أقل المناطق تكاملا على جميع الأصعدة، وأن التقرير هو دعوة لتكثيف الجهود للعمل في هذه المنطقة، وأن الوضع الراهن يحتاج من الحكومات العربية إعادة النظر في سياساتها. التنمية الشاملة دعا العويط لتحويل الرؤى التي رسمها التقرير إلى سياسات، وترجمة التوصيات التي صاغها خططا واستراتيجيات، وكذلك رعاية البحث العلمي ودعمه وتمويله وتعزيزه وتطويره، مؤكدا أهمية الإعلاء من شأن الابتكار، باعتباره حاجة ملحة وأولوية مطلقة وضمانة للمستقبل. وختم مشيدا بدور مؤسسة شومان الطليعي في خدمة العِلم والعلماء، ومبادرتها للاحتفاء بتقرير مؤسستنا العاشر، وتوفير أسباب نجاحه، واللقاء في رحاب منتداها مع نخبة من أهل الفكر والثقافة والإعلام في الأردن. ورأى رئيس مجلس أمناء جامعة البترا الدكتور عدنان بدران، أن التقرير جاء في طابع شمولي ومتكامل، يربط مُخرجات البحث العلمي بالابتكار لتوليد التكنولوجيا، بما في ذلك ربط ذلك بالتنمية الشاملة المستدامة التي دعت إليها هيئة الأمم المتّحدة لتحقيق أجندة تنمية العام 2030. وطالب بدران بإعادة صناعة التعليم من خلال خطاب عربي معاصر، يؤدي إلى الفكر الخلاق والخيال والاستلهام، أي الابتكار ومهارات التفكير الناقد، وبناء مهارات الذكاء والتساؤل والتحليل والاستنتاج، وملكة البحث والاستقصاء، والوصول إلى حلول جذرية للمشكلات التي نعاني منها، منوها بعدد الجامعات والمراكز العلمية العربية التي توسعت أفقيا لتتجاوز 800 جامعة ومؤسّسة علمية.
التقرير جاء في 5 فصول 25 ورقة بحثية امتدت على أكثر من 500 صفحة
اهتمامات مؤسسة الفكر منذ تأسيسها قضايا التنوير في العالم العربي التنمية والتطوير