التعصب صفة منبوذة في جميع أمور الحياة الاجتماعية والسياسية والرياضية وغيرها، ومن أشدها نبذاً التعصب المذهبي أو الطائفي وكثيرا ما يوصل بصاحبها إلى التطرف وتفسيق المخالف، بل تصل إلى إخراج المخالف من دائرة الإسلام وتكفيره، ولا يقول قائل إن هذه الفئة قليلة وشاذة في مجتمعاتنا العربية، بل العكس صحيح، والدليل عند طرح أي مسألة مختلف فيها تجد الحوار والنقاش يمتد إلى أبعد ما يكون، فخذ مثلا مسألة حجاب المرأة وغطاء وجه المرأة، أنا هنا لا أبحث عن حكم تغطية الوجه، فالخلاف بين الفقهاء معروف، وكل منهم لديه دليله الذي استدل به على حكمه... وما نراه الآن بمواقع التواصل وغيرها في الحوارات الفقهية المختلف عليها من بعض المقلدين لعلماء مذهبه إنما هو جهل مركب، ومن المصائب أن يكون الحوار في الأمور الدينية، ومن الكوارث أن يكون هناك من الوعاظ ممن يحفظ بعض الآيات والأحاديث ولهم متابعون ومعجبون في برامج التواصل، ويدخل في نقاش مع أحد مخالفيه فتأخذه الغيرة على الدين والرد على بعض القضايا الفقهية أو الفكرية التي تحتاج إلى علم وعالم فتجده يبدّع أو يفسّق مخالفيه بحجة نصرة الدين، مع أنه من الممكن أن الحق على خلاف ما يعتقده، ويقوم بشحن نفوس متابعيه ومقلديه مع إنه في الغالب يكون هو من يحفظ بعض المسائل الفقهية ولا يفقه في أصول الاستدلال وكيفيته ويجهل مسائل الخلاف، وصدق أبو حنيفة إذ قال (أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس). وهناك من يستغل هذه الزلات من هذا الواعظ الذي يعتبر نفسه محتسبا مدافعا عن دين الله بحماس متضمن جهلا مركبا، فيعممها هذا المتصيد على الفقهاء والعلماء، ويلمح إلى أن هذا هو منهج العلماء الفقهاء، ويكون هذا المتحمس قد سبب ضررا على أهل العلم، خاصة في زمن كثر به المتربصون المعادون لديننا وعلمائنا.. ومن المحزن أن هناك طلبة علم محسوبين على العلماء والفقهاء ولهم متابعون ومعجبون قد يصل عند بعضهم ما يتجاوز المليون متابع على برامج التواصل الاجتماعي، يستغلون هذا العدد من متابعيهم إلى توجهاتهم السياسية والحزبية تحت غطاء الدين، ومن يخالفهم في توجههم يعتبر مخالفا محاربا ومعاديا للدين.