بعد قراءة متأنية وعميقة لتعميم وزارة التعليم -وهي المعنية بتربية النشء- في الاحتفاء بذكرى اليوم الوطني شدني ما جاء في المذكرة من تأكيدات على القيم الدينية والوطنية وتعميق السلوكيات الإيجابية لدى الطلبة والطالبات، فهو ذكرى رمز وطني نعتز به، وتاريخ ضارب في أعماق الأجداد، وذكرى نستلهم منها نورا لحاضرنا الزاهي ومستقبلنا المنشود.. ثم عرجت على الأهداف التفصيلية في مذكرة اليوم الوطني الصادرة عن وزارة التعليم وكانت من أهم أهدافها: الاعتزاز بالدين الإسلامي الحنيف، تجسيد مشاعر الحب والولاء لولي الأمر، نشر مضامين رؤية المملكة 2030، المحافظة على مكتسبات الوطن وتنميتها، تعزيز الممارسات والمبادرات الإيجابية تجاه الوطن، وغيرها من الأهداف الإيجابية والعميقة.. أكملت قراءتي المتأنية لهذه المذكرة حتى وصلت إلى المعايير التي يقيسها المشرف التربوي أو الزائر للمدرسة فوجدت ما يأتي: تحقق الكلمات الوجدانية والإلقاء في الإذاعة الصباحية وعند الاصطفاف، الحوارات الطلابية حول الوطن والرؤية، البرامج التوعوية بمخاطر تداول المقاطع التي تستهدف أمن الوطن والمواطن، استثمار وسائل الإعلام الجديد في الكتابة والنشر، إنتاج المواد الفيلمية الوطنية، تعزيز البرامج التطوعية، تكريم أبناء الشهداء، فضلا على الرسائل والقصائد الوطنية والمشاهد التمثيلية والعروض المسرحية والجداريات الوطنية.. فتَّشت مليًّا في هذه المذكرة هل اشتملت على معايير تقيس تلطيخ المدارس باللون الأخضر أو صبغ وجوه الناشئة بلوني الوطن؟ حاولت أن أبحث هل يوجد في هذه المذكرة التي تصل بأيدي المربين عن ضرورة توفير حلويات مصبوغة باللون الأخضر؟.. أكملت القراءة ولم أجد سوى تأكيد المذكرة على تجسيد مشاعر الحب بممارسات تربوية تزيد وتعمق ولاء أبنائنا وبناتنا لوطننا المعطاء.. ومن يتأمل هذه الاحتفاءات التي تتم في محاضننا التربوية يجد أننا نركز على كلمة (احتفاء) وننسى كلمة (اليوم الوطني)، وما أخشاه أنه مع هذا الصرف والجهد ألا يخرج الطالب بأي مضمون إيجابي تجاه وطنه سوى الرقص والتمايل دون أن يحظى بمعلومة أنه سبب وفرد مهم في عجلة تنمية وطنه.. هل يتعلم الطالب أن الإزعاج والضجيج والفوضى أثناء هذه الاحتفاءات وترك الأماكن متسخة تزيد من سلوكه الإيجابي؟ عفوا وطننا الغالي فليس كل احتفاء يليق بك..!