فايز الشراري واجه مسلسل «العاصوف» انتقادا من أفراد مجتمعنا، إذ يرى بعضهم أن المسلسل لا يمثل تاريخ وهوية المجتمع السعودي، وفي المقابل هناك من يرى أن المسلسل نجح في نقل حياة المجتمع في فترة السبعينات الميلادية. ولعلي هنا سأتناول هذا المسلسل من جانب يتعلق بحضور الدراما السعودية، خصوصا التاريخي منها. لطالما كانت قنواتنا الفضائية المحلية والتجارية مسرحا لعرض المسلسلات العربية، خصوصا التاريخي منها، فأصبح المشاهد السعودي مجرد مستهلك لتلك المسلسلات، في ظل ندرة الأعمال الدرامية السعودية التي تبرز هوية الوطن وتاريخه وثقافة مجتمعنا بكل أطيافه، وأنا هنا أقصد الأعمال الدرامية الضخمة المتكاملة. بسبب استهلاكنا الدراما العربية دخلت كثير من المفردات والجمل إلى قاموس لهجتنا المحلية، وهذا أمر يلحظه كثيرون، وأصبحنا مجرد متابعين لتاريخ وثقافة بعض الشعوب العربية، وحينما يأتي مسلسل مثل «العاصوف» يعرض ماضي حياتنا بكل تفاصيله، ويتم عرضه على قناة «mbc» فهذا أمر إيجابي، قد يكون انطلاقة لأعمال سعودية تبرز ثقافتنا لأجيالنا وللعالم. كل عمل درامي تاريخي لا بد أن يكون فيه بعض الأخطاء والسلبيات، منها ما يتعلق بمصادر المعلومات، ومنها ما يتعلق برؤية الكاتب أو المخرج، ومنها ما يتعلق بجوانب مادية، من ناحية السعي نحو جذب أكبر عدد من المشاهدين، وبالتالي جذب المعلنين، ولكن هذا لا يحب أن يمحو إيجابيات هذا العمل. مسلسل «باب الحارة» واجه انتقادات لاذعة من ممثلين ومخرجين سوريين، منهم من أنكر فكرة وجود أبواب للحارات الشامية القديمة. مجتمعنا يجب أن يتجاوز مرحلة الاستهلاك الدرامي إلى مرحلة الإنتاج. لذا، أعتقد أن مسلسل «العاصوف» وقبله مسلسل «حارة الشيخ» من الأعمال التي تؤسس -وبشكل حقيقي- للدراما السعودية، فيما يخص الأعمال التي تتناول تاريخنا وثقافتنا وحياة الأجداد. مرحلة استيراد الدراما لا يجب أن تستمر بهذا الشكل، ولتحقيق ذلك يحب دعم المنتج الدرامي المحلي. أعتقد أن غزارة الأعمال الدرامية المحلية ستسهم في ظهور أعمال ذات جودة ومستوى أفضل في المستقبل. «العاصوف» مسلسل سينتهي بجزء واحد أو بعدة أجزاء، ولكن المهم ما بعد مسلسل العاصوف، فالمشاهد السعودي ينتظر أعمالا درامية ذات قيمة فنية أكبر، لتكون الدراما رافدا من روافد الثقافة والارتقاء بذائقة المجتمع، وإبراز تاريخنا وثقافتنا للعالم.