ماجد الوبيران حظي الضب منذ القدم باهتمام بالغ من أهل اللغة والأطباء والخواص والعوام، ومع كل هذا الاهتمام إلا أن هذا الحيوان قد تعرض للقسوة من أهل اللغة، وممن بالغوا في اصطياده وإزهاقه! ولا أعرف حيوانا تعرض للقسوة بقدر ما تعرض له الضب مع ضعفه المتناهي ومعاناته المستمرة في بيئته الصحراوية القاسية التي تعد الموطن الأصلي له، خاصة في بلادنا المملكة العربية السعودية. والضب حيوان أَحْرَش الذَّنَب، خَشِنُه، مُفَقَّرُه، ولونُه إِلى الصُّحْمَة، وهي غُبْرَة مُشْرَبة سَوادًا، وإِذا سَمِن اصْفَرّ صَدْرُه. ويكنى أَبا حِسْل، وسمي بالضب لتجمُّع خَلْقِه ولحْمِه. وأما ما ناله من قسوة أهل اللغة فهو إسقاطهم في تحليلهم لمواقف البشر الشخصية على ما عُرف عن هذا الحيوان من بعض السلوكيات، ومع قسوتهم في هذا إلا أن هذا يدل على قربهم الشديد من هذا الحيوان، ومراقبتهم الدقيقة لسلوكه، وتدوين ذلك وتوظيفه في حياة البشر، ومن ذلك قولهم عنه في أمثالهم: أَعَقُّ من ضَبٍّ، لأَنه ربما أَكل حُسُولَه، أي: صغاره. وقولهم: لا أَفْعَلُه حتى يَرِدَ الضَّبُّ الماءَ، لأَن الضبَّ لا يَشْرَب الماء. وقالوا: هو رجل خَبّ ضَبّ، أي: مُنْكَر مُراوِغ خدَّاع حَرِب. ويقال للرجل إِذا كان خَبًّا مَنُوعًا: إِنه لَخَبّ ضَبّ. ويقال: في قلبه ضَبّ، أي: غل داخل كالضب في جحره. ويقال أيضا: فلان كف الضب، إذا كان بخيلًا، لأن كف الضب مَثَل في القِصر والصغر. وأما فيما يخص الصيد فإن كثيرين يحرصون على اصطياد هذا الحيوان، بل ويسرفون في اصطياده بأعداد كبيرة تهدد حياة هذا النوع من الحيوان، وتُحدث خللًا في التوازن البيئي في مناطق عيشه، واصطيادهم له إنما هو لظنهم بأن لحمه ذو فوائد صحية عديدة، من أهمها تقوية القدرة الجنسية لدى الرجل، ولا توجد دراسة تؤكد هذا، بل وعلى العكس فقد أظهر تقرير منشور في المكتبة الوطنية الأميركية أن تناول الضب يسبب انخفاض الطاقة، والكسل، واللامبالاة، وعدم التركيز. وقد ورد في الحديث أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قد امتنع عن أكله حين ذُكر له أنه ضب، وقد علل بعض الفقهاء امتناعه ذلك بسبب ثقل لحم الضب، ونشوء رائحة كريهة من لحمه. وتحرص الدولة ممثلة في الهيئة السعودية للحياة الفطرية على المحافظة على هذه المخلوقات، ومعاقبة المسرفين في اصطيادها، رغم تجاوزات الكثيرين الذين يفعلون ذلك لا من أجل الصيد ذاته، بل من أجل التسلية والترفيه، وعدم الإحساس بالمسؤولية.