على وشك أن تفتح الصين، أكبر مشترٍ للنفط في العالم، سوقا محليا لتداول العقود الآجلة للنفط. وقالت وكالة «bloomberg» إن الصين بدأت تخطط لذلك منذ سنوات، في بورصة شنغهاي الدولية للطاقة، ووحدة من بورصة شنغهاي للعقود الآجلة، والتي ستكون معروفة بالاختصار «INE»، وستسمح للمشترين الصينيين بتثبيت أسعار النفط والسداد بالعملة المحلية اليوان. وكذلك سيُسمح للتجار الأجانب بالاستثمار في هذا السوق. وهذه المرة الأولى من نوعها التي تحدث في أسواق السلع بالصين. وذلك لأن التداول مسجل في منطقة التجارة الحرة بشنغهاي. وهناك آثار مترتبة على الدور الراسخ للدولار الأميركي كعملة عالمية لسوق النفط. متى سيبدأ التداول؟ وفقا لوكالة أخبار «Jiemian» الموجودة في شنغهاي، والتي نقلت عن شخص مجهول الهوية من شركة العقود الآجلة، فإنه من المتوقع للتداول أن يبدأ في 18 يناير الجاري. لماذا هذا الأمر مهم جدا بالنسبة للصين؟ تداول العقود الآجلة سينتزع بعض التحكم على التسعير من المؤشرات العالمية الرئيسية التي تعتمد على الدولار الأميركي. وإن فرض قيمة عقود النفط بعملة اليوان سيعزز استخدام عملة الصين في التداول العالمي، وهذا أحد الأهداف بعيدة المدى للدولة. وستستفيد الصين من امتلاك مؤشر يعكس مستويات النفط التي تستهلكها المصافي المحلية ومقارنتها بتلك التي تدعمها عقود الغرب. ما مفهوم العقود الآجلة؟ تعمل العقود الآجلة على تحديد أسعار ثابتة ومعينة يوميا لعملية استلام مستقبلية بتاريخ محدد. ويستخدمها المستهلكون كي يحموا أنفسهم من الأسعار المرتفعة لاحقا. لماذا لم تبدأ الصين تداول العقود الآجلة حتى الآن؟ لقد لعبت أسعار النفط الخام المنخفضة دورا في ذلك. تم اقتراح عقود النفط الآجلة الصينية في 2012 بعد ارتفاع سعر برميل النفط لأكثر من 100 دولار، ولكن الأسعار في 2017 وصلت إلى حوالي 50 دولارا للبرميل. كما أنه هناك مخاوف من وجود تقلبات أكثر في الأسعار. وأقدمت الصين على العقود الآجلة المحلية للنفط الخام في 1993، ولكنها توقفت بعد سنة واحدة بسبب التقلبات. هل سيقوم الأجانب بشراء عقود النفط الآجلة الصينية؟ لا يزال ذلك مجهولا، فمنتجو وتجار النفط من الخارج سيحتاجون أن يدركوا ليس فقط ميول الصين لتدخلات السوق، وإنما كذلك سيطرتها على رؤوس الأموال. وإن القيود على نقل الأموال داخل وخارج الدولة قد تم تشديدها في السنتين الماضيتين بعد انخفاض قيمة اليوان الصادمة في 2015، مما أدى إلى خروج أموال كثيرة من البلاد. وتوجد عقبات مماثلة لذلك جعلت من المستثمرين الأجانب جزءا صغيرا في سوق الأسهم وأسواق السندات الضخمة بالصين. هل بإمكان اليوان أن يتحدى هيمنة الدولار في قطاع النفط؟ ليس في القريب العاجل، وذلك لأن الدفع مقابل النفط بالدولار هو التقليد المترسخ، وفقا لبعض المحللين. وقال رئيس الإستراتيجيات الكلية لدى بنك الإماراتدبي الوطني، شادي شاهر، إنه من المنطقي على المدى البعيد أن نرى تعاملات مالية بعملة اليوان، لأن الصين سوق مهم جدا، ولكن هذا الأمر سيستغرق سنوات. وقال أحد المحللين في بلومبيرج، دايفيد فيكلينج، إن الصين «لا تمتلك السيطرة المطلوبة في سوق النفط حتى تتمكن من هذه الخطوة المفاجئة».
مبادرة الحزام من جانب آخر، قد يصبح الدفع بعملة اليوان مقابل النفط جزءا من مبادرة الرئيس شي جين بينج، وهي مبادرة الحزام الاقتصادي لطريق الحرير، بهدف تطوير العلاقات في أوراسيا، بما في ذلك الشرق الأوسط. والمشاركة الصينية في الطرح العام الأولي المخطط له لأرامكو السعودية قد يساعد على التأثير على الرأي السعودي ليتقبل اليوان أكثر، والذي يستخدم في 2% فقط من عمليات السداد العالمية.