انتشر في الفترة الأخيرة ظهور طبقة من المجتمع تدعي الوطنية الزائفة والمبادئ الكاذبة، من خلال ما تصدر للناس من أفكار تصور بها ومن خلالها ملامح المواطنة التي تكون عبارة عن تصنيف الآخرين من المواطنين حسب أصولهم وألقابهم، ليس ذلك فحسب، بل إن الأمر تجاوز حد التصنيف ليصل إلى مرحلة التشكيك في وطنية المواطنين، والطعن في أنسابهم من خلال ما يستعرض من موضوعات تجعلنا نسأل أنفسنا لحظة هل هؤلاء هم أوصياء علينا كمواطنين، أم أن مجرد الحس الوطني الزائد لديهم جعل منهم قضاة يصدرون حكما مطلقا على من يكون سعوديا بامتياز؟ هذا النوع من الادعاء ما هو إلا شكل من أشكال العنصرية المقيتة التي تبدأ بذلك السؤال الشهير وش تعود..؟؟ أو من وين ترجع؟ لتحول الحديث من حوار عابر ومجرد معلومات تذكر إلى استجواب قائم بغرض التحليل والتصنيف الهدف منها معرفة أصله هو سعودي ولا!! هؤلاء وغيرهم جعلوا من آرائهم الشخصية وتفكيرهم السقيم قانونا ومبدأ يحاكون بها الآخرين، ونصها هو أن كل من يختلف عنهم أنه ليس سعوديا، وأن التركيبة السكانية لا بد أن تكون من صنف واحد أو جماعة واحدة. عند النظر لمثل هذه المسألة التي قد تكون عادية وبسيطة في نظر البعض، إلا أن مجرد التصنيف مرفوض دينيا وسياسيا، وليس مجالا للنقاش، نجد أنه في حقيقة الأمر أن العدل والمساواة بين المواطنين هي أول مادة من مواد نظام الحكم الأساسي في المملكة، ليس ذلك فحسب، بل العمل بها يعتبر شريعة البلاد ودستورها، وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن الجنسية السعودية هي استحقاق ملكي من الدولة يصدر بموجب قانون صريح وملزم، فكيف يشكك هؤلاء وغيرهم بمواطن ترى الدولة أنه سعودي من الدرجة الأولى دون أي تصنيف؟ لذا أرى من الضروري تفعيل قانون مكافحة العنصرية والتميز للقضاء على هذا العفن الفكري والتلوث العقلي الذي جعل من مجرد اختلاف سببا للخلاف، قانون مكافحة العنصرية حلٌّ لكل من فهم الوطنية بطريقة خاطئة وعلى نحو جعل منها مشكلة وليس طريقة، لنقف أمام هذا التطرف الفكري بكلمة واحدة كلنا سعوديون دون تصنيف، فالعدو يرانا بعين الواحد، والصديق يرانا بعين الكل، كلنا سعوديون دون أي اعتبارات أو حسابات تجعل من المجتمع أزمة. كلنا ضد التصنيف حسب الأصل أو اللقب أو المذهب، فلا حاجة لسرد القصص والاستشهاد بأدلة لمجرد أن نقنع الآخر بأننا مواطنون، كلنا سعوديون دون حاجة لتلك العصبية، وعودة الجاهلية بصور حديثة تحولنا فجأة إلى أعداء، ولنحرص على منع انتقال العدوى السلبية لأجيالنا القادمة التي ترى بعين المستقبل لا الماضي، ودائما وأبدا أكثر الناس انتقادا هو من يكون أقلهم قدرا.