وسط مطالبات مجتمعية بإجابة مجلس الشورى عن ستة أسئلة حيال أسباب إسقاط مشروع الوحدة الوطنية من دائرة البحث والنقاش، تحولت حسابات عدد من الأعضاء إلى مسرح للتعبير عن حنقهم جراء الموقف. وقالت عضو المجلس الدكتورة حمدة العنزي، في تغريدة عبر توتير، "أسقط مجلس الشورى نظام الوحدة الوطنية، أتمنى ألا نصل إلى تلك المرحلة التي يتأسف فيها كل من عارضه اليوم على ما قدم من حجج وبراهين هدمته"، فيما تفاعل زميلها الدكتور ناصر داود مع تغريدتها، ورد بالقول "كما أسقطوا قبله نظام مكافحة الفساد وبنفس الطريقة....". وفي الجانب المضاد للمشروع اكتفى العضو ناصر الشيباني بتغريدة جاء فيها: "نحن موحدون منذ تأسيس هذه الدولة.. ولا نحتاج حبرا على ورق وحدتنا".
على الرغم من أن الحكاية باتت في حكم المنتهية بسقوط مشروع الوحدة الوطنية المقدم من عدد من أعضاء مجلس الشورى، إلا أن تبعات ذلك الحدث الذي أخذ زخما كبيرا من الشد والجذب، سواء داخل أروقة المؤسسة البرلمانية أو خارجها، لا تزال تتفاعل على نحو واسع. كان ذلك واضحا عبر تحول حسابات عدد من أعضاء مجلس الشورى إلى مسرح للتعبير عن حنقهم جراء موقف المجلس من المشروع، في الوقت الذي فضل كثير من الأعضاء الرافضين للمشروع الصمت، إلا أن أحد الأعضاء المؤيدين كتب "لقد قبروه قبل أن يولد". عضو المجلس الدكتورة حمدة العنزي، قالت في تغريدة لها عبر تويتر "أسقط مجلس الشورى نظام الوحدة الوطنية، أتمنى ألا نصل إلى تلك المرحلة التي يتأسف فيها كل من عارضه اليوم على ما قدم من حجج وبراهين هدمته". هذه التغريدة، تفاعل معها زميلها العضو الدكتور ناصر داود، وعلق قائلا: "كما أسقطوا قبله نظام مكافحة الفساد وبنفس الطريقة". وقبلهما، كان للعضو الدكتورة لطيفة الشعلان تغريدة ألمحت فيها إلى الموضوع دون التعريض إليه بشكل صريح، وقالت: "حين يتقدم الفكر المؤدلج على الشعور بالمسؤولية الوطنية تشتد الحاجة إلى قرار سياسي، سيكون المؤدلج صاحب الخطب الممانعة أول من يصفق له! فتأمل". إلا أن الشعلان عادت بالأمس، معلنة في ست تغريدات لها موقفها مما جرى تحت القبة أول من أمس. وقالت في أولها "التصويت على نظام الوحدة الوطنية كان تصويتا على ملاءمة الفكرة للدراسة وليس على مواد النظام، وبالتالي فنتيجة التصويت تعني رفض الفكرة من أساسها"، مضيفة في تغريدتها الثانية قولها "ما نراه حولنا من طائفية وعنصرية لا يدخل في حرية التعبير بل في التحريض وبث الكراهية اللذين تعاقب عليهما قوانين أكثر الدول رعاية للحقوق والحريات". أما تغريدة الشعلان الثالثة، جاءت على نحو "الخوف على حرية التعبير من النظام مغالطة خلالها استخدام مفاهيم حداثية للدفاع عن حالة بدائية من انطلاق غرائز الطائفية والعنصرية". وفيما كان يجادل معارضو مشروع الوحدة الوطنية، بالمخاوف من دخول الأهواء في حال الموافقة عليه وتطبيقه، قللت الشعلان في تغريدتها الرابعة من شأن تلك المخاوف. وقالت "حجة البعض واهية. فكل قانون يمكن أن يتضمن قابلية للأهواء، ولذلك جاء التقاضي والترافع لتخليص القوانين حال تطبيقها من الاعتساف أو هوى الأفراد". وردت الشعلان في تغريدتها الخامسة على من يرى أن إقرار النظام بمنزلة طعن في الوضع السابق من دونه، بإشارته إلى أن من يفكر بهذه الطريقة "يغفل أن القوانين ربما تأتي استجابة للحالات والوقائع التي تستجد مع الزمن"، مختتمة سلسلة تغريداتها بالرد على من احتجوا بوجود مادة في النظام الأساس للحكم تحمي وتصون الوحدة الوطنية، وأشارت بالقول إلى أن وجود تلك المادة حجة للنظام المقترح لا عليه، فمواد نظام الحكم كدستور تعني استصدار القوانين الحامية لها، حسبما جاء في تغريدتها. أما عضو مجلس الشورى سعد البازعي، أطلق تغريدة شهدت تفاعلا معها عن الموضوع ذاته، وقال فيها "علمت أن نظام الوحدة الوطنية سقط بالتصويت في مجلس الشورى، إنه التشدد يطل برأسه مرة أخرى". وعلى الجانب الآخر، كان للرافضين للمشروع موقف عبروا عنه كذلك في حساباتهم على تويتر، ورد العضو ناصر الشيباني على إحدى التغريدات بقوله: "نحن موحدون منذ تأسيس هذه الدولة على يد المغفور له عبدالعزيز بن عبدالرحمن.. ولا نحتاج حبرا على ورق وحدتنا". 3 أهداف رئيسة للمشروع والوطن تنشر أبرز تفاصيله تجريم الإساءة للرسول وآل البيت والصحابة.. ولجنة من 12 عضوا لتعزيز التفاهم والتعايش
مشروع الوحدة الوطنية، الذي لم يكتب له أن يحظى بفرصة الدراسة داخل مجلس الشورى، وذلك بعد أن تم إسقاطه لعدم ملاءمته، ينطلق من ثلاثة أهداف رئيسة؛ لخصها معدو هذا المشروع بالتالي "صيانة تماسك النسيج الاجتماعي من مخاطر النعرات العرقية والقبلية والمناطقية والطائفية والتصنيفات الفكرية المهددة للسلم الأهلي والوحدة الوطنية"، "تجريم التحريض على الكراهية أو التمييز أو التعصب ضد الأشخاص بسبب انتمائهم العرقي أو القبلي أو المناطقي أو المذهبي أو الطائفي أو الفكري"، "تجريم الاعتداء على أماكن ممارسة الشعائر الدينية والإساءة إلى المقدسات والرموز الدينية ولاسيما المتمثلة في رسول الله صلى الله عليه وسلم وآل بيته وصحابته". ونص مشروع النظام على تشكيل لجنة عالية المستوى، تتكون من رئيس و11 عضوا (خمس منهم يمثلون الجانب الحكومي، والستة الآخرين من ممثلي مؤسسات المجتمع المدني)، تكون مهمتها "العمل على تعزيز التفاهم والتعايش والإخاء بين المواطنين وبينهم وبين المقيمين استنادا إلى مقاصد الشرعية الإسلامية ومبادئها التي تدعو إلى الإخاء والمساواة والعدل والتعايش ونبذ العنف والتنابز بالألقاب". وبالنسبة للعقوبات، فإنه ينتظر مخالفي أحكام هذا النظام، عقوبة السجن بين ستة أشهر وخمس سنوات وغرامة 500 ألف ريال، وترتفع العقوبة لمليون ريال بالنسبة للشخصيات الاعتبارية. ومن أهم مواد مشروع نظام الوحدة الوطنية، ما جاء في مادته الرابعة التي تنص على أنه "يحظر بأي وسيلة من وسائل التعبير سواء داخل المملكة أو خارجها الدعوة أو التحريض على كراهية أو ازدراء أو إقصاء أي فئة من فئات المجتمع أو المساس بالوحدة الوطنية أو إثارة الفتن العرقية أو القبلية أو المناطقية أو المذهبية أو الطائفية أو الفكرية أو نشر الأفكار الداعية إلى تفوق أي عرق أو جماعة أو لون أو أصل أو مذهب أو جنس أو نسب أو محاولة تبرير أو تعزيز أي شكل من أشكال الكراهية أو تعزيزه". كما طال الحظر "إنشاء أي شكل من التنظيمات أو الاجتماعات أو المهرجانات التي تدعو إلى ممارسة السلوكيات المشار إليها". وطبقا لمبررات مقدمي هذا المشروع، وهم الدكتور زهير الحارثي، الدكتور ناصر بن داود، الدكتورة ثريا عبيد، محمد رضا نصر الله، الدكتور عبد الله الفيفي، الدكتور يحيى الصمعان، بأن "التجربة السعودية الوحدوية غير المسبوقة في العالم العربي تتطلب حمايتها والتمسك بها ليس لفرادتها ومكانتها فحسب بل لكونها مرتبطة بمستقبل وطن وأجيال، لا سيما وقد استندت إلى فلسفة سياسية ساهمت في نضوجها وديمومتها عبر محطات تاريخية". ويشير مقدمو المشروع إلى أنه وعلى الرغم من التحديات ووتيرة المتغيرات وتسارعها، فإن الوحدة الوطنية ما لبثت أن برهنت على الترابط ووضع السيناريوهات للقادم من الأيام ما جعل النتائج مخالفة لكل التكهنات"، إلا أنه ومع ذلك يرى مقدمو المشروع بأن "ثمة مخاطر تواجه البلاد، وأن ترابها الوطني بات مهددا في أمنه واستقراره بدليل محاولة البعض إثارة الفتنة فيه عبر ممارسات وأساليب واستخدام مفردات الطائفية والمناطقية والمذهبية والتصنيف ودعوات التخوين والإقصاء ما يستدعي فضح زيف هذه الدعوات وخطورتها، وذلك بتجريمها ومساءلة مرتكبيها حماية لوحدة هذا الوطن وترسيخا لتجربة المؤسس الوحدوية التي يجب أن نعض عليها بالنواجذ". واعتبر مقدمو المشروع أن "تكريس الوحدة الوطنية كفيل بتقويض مشاريع الآخرين قبل اختراقها واستهداف مجتمعنا تحت أي ذريعة، وأن كل ما يطرح من قضايا جدلية على الساحة ويفرز كل طرف مواقف متباينة بشأنها هو أمر صحي، إلا أن ما يجري الآن بات مقلقا لا سيما في الأوساط الدعوية أو الاجتماعية أو الثقافية أو حتى الرياضية، لقد أصبح المشهد يعكس لغة فيها كثير من التجاوزات والتشنيع والمساس بالأشخاص والمذاهب والانتماء ما يؤثر على تماسك الجبهة الداخلية". .. والرأي العام ينتظر الإجابة عن 6 أسئلة فيما أسقط مجلس الشورى أول من أمس مشروع نظام الوحدة الوطنية، وصوّت بعدم ملاءمته النقاش والدراسة، تباينت ردود فعل مجتمعية حيال الإجراء، وطرحوا ستة تساؤلات جوهرية التي تنتظر الرد من مجلس الشورى والشفافية في الإجابة عليها للرأي العام.. وفقا للتالي: - هل وقع المجلس في خطأ بإحالة المشروع للجنة الشؤون الإسلامية والقضائية؟ - لماذا لم يحل المشروع إلى لجنة حقوق الإنسان المتخصصة بهذا الشأن؟ - كيف تم إسقاط المشروع دون تشكيل لجنة خاصة به أو عرضه على خبراء ومستشارين؟ - لماذا لم تتم الاستعانة بعلماء ومتخصصين للحصول على آرائهم قبل إسقاط المشروع؟ - كيف أُسقط المشروع في جلسة عاصفة دون أن يمنح فرصة أخرى للمداولة والنقاش؟ - ما المبررات المنطقية المبنية على أسس علمية للمعترضين على المشروع؟