يسعى كلنا لهدف ما ونجاح ما يسعد به هو ومن حوله، ولكن كثيرا منا لا يعرف الواجبات التي يجب تقديمها كضحايا لنيل هذا الشرف، كما لا يعرف السبل السليمة المؤدية إليه.. تناولت في مقالات سابقة عوامل تسهم في الوصول إلى النجاح والهدف، منها أولا أن يكون للإنسان هدف يرغب الوصول إليه، ثم أن يكون له دافع للوصول إلى هذا الهدف، وكذا الإحاطة بالمعرفة اللازمة بهذا الهدف، وكيفية الوصول إليه والأدوات اللازمة والاستمرارية والصبر والالتزام بالهدف والتركيز عليه وعدم الخوف من الفشل المتوقع، فهو جزء من مطبات الطريق، ثم استشارة أهل المعرفة ومشاركة عقول الآخرين، ومعرفة فنون التواصل مع الآخرين وهكذا.. وهنا نتناول ركائز هامة يبنى عليها أي هدف، وبدونها لا نتصور أن أي هدف ممكن الوصول إليه...! هناك ثلاثة أعمدة كبيرة يقوم عليها بناء أي نجاح أو أي عمل ذي نتيجة، هذه الأعمدة الثلاثة تكون أضلع مثلث هذا البناء، وأول هذه الأضلع هو الجهد والعمل اللازم لهذا الهدف، حيث يشكل أساس هذا المثلث ومرتكزه الأصل، فأي مشروع وأي مهمة صغرت أو كبرت تحتاج لجهد معين، جهد مناسب يتناسب والهدف.. أي جهد يبذل أقل مما يتطلبه الهدف لن يوصل إلى الهدف، قد يوصل قريبا منه، إلا أنه يتعين علينا إعطاء الجهد اللازم وبمواصفات تتناسب وهذا الذي نتطلع إليه، كما أن هذا الجهد يجب أن يكون مدروسا، ينطلق من معلومات ومهارات تتناسب وما يطمح إليه الإنسان من هدف، حيث يبدأ هذا الجهد بجمع المعلومات وترتيبها وتصنيفها وهكذا، للاستفادة منها في الانطلاق نحو الهدف، وكذلك بذل جهود مختلفة ويومية وباستمرار كرسم أولي لهذا الهدف. الزمن اللازم للوصول إلى الهدف، حيث لكل هدف زمن معين يحتاجه المرء كي يصل إليه، ولا يجب أن يحاول المرء الوصول لاهثا قبل الوقت لكي يصل فقط، فالنتائج بهذه الحالة غالبا ما تكون نيئة غير مستوية لا تصلح كثيرا، وهنا يبدأ المرء بالترميم والإصلاح الذي قد يحتاج وقتا أطول من الوقت الذي حاول أن يقفز عليه أو يسرعه أو يختصره، فمراحل الوصول المتأنية تأتي بثمار أجمل وأطيب، وبكل الأحوال فهناك وقت زمني تحتاجه أي عملية قبل الوصول إلى الهدف، فمهارة إدارة الوقت وترتيب الأولويات وعدم الخوف من طول المسافة والوقت المطلوب لقطعها، بل التيقن بأن لكل هدف وقتا يتطلب إعطاؤه بدون تلكؤ، كما أنه لا يجب أن نمضي وقتنا طويلا في قضاء أمر قد لا يحتاج إلا جزءا يسيرا من وقتنا الذي أهدرناه وأضعناه في التكاسل والتحايل على النفس بإضاعة الوقت. المضلع الآخر هو المضلع الأخير وهو الإنفاق على هذا الهدف، وهو جزء من ثمنه، فأي هدف يحتاج أن ننفق عليه ماديا ومعنويا لكي نصل إليه، فإن لكل عمل أو مشروع أو هدف رأس مال يقتضيه لكي يمكن القيام به، فهذا الرسم المادي لا يمكن التغاضي عنه في أي عمل، ولا يمكن أن نحصل على أي نتيجة لعمل ما دون رسم مادي لهذا العمل كثر أم قل، وكل حسب ما يقتضيه، فيمكن أن نعوض بعض المال بمضاعفة جهد ما، إلا أنه في بعض الأحيان يجب توفر المال اللازم لهذا العمل تحديدا كسعر وثمن، يجب إعطاؤه، بالإضافة لما تقدم للوصول إلى النتيجة المرجوة من هدف ما..! وكما قيل لكل مجتهد نصيب، فالنجاح العظيم يتطلب جهدا عظيما ويتطلب وقتا كافيا للوصول إليه، ووقتا متلازما معه لمواصلته، وأيضا ثمنا ماديا لهذا المطلب.