على وقع الأزمة السياسية والكلامية التي احتدمت بين الولاياتالمتحدة وكوريا الشمالية في الفترة الأخيرة، وتهديد كلا الدولتين بشن ضربات عسكرية ضد الآخر، استرجع مؤرخون حقبة الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي السابق والولاياتالمتحدة خلال القرن الماضي، وما صاحبها من تهديدات بشن حروب نووية تهدد أرواح ملايين البشر. وكانت كل من موسكو وواشنطن المنجرفتين في السباق إلى التسلح النووي، تزيدان من عدد الرؤوس الحربية وقوتها في تلك الحقبة، فضلا عن عدد مركبات النقل للصواريخ والطائرات والغواصات، بهدف بلوغ ما وصفه الخبراء بالتدمير المتبادل المضمون. واستنادا إلى التقارير المطلعة في هذا الخصوص، كانت الولاياتالمتحدة تمتلك في سنوات التسعينات حوالي 22 ألف رأس حربي مقابل 4480 حاليا، فيما كان يملك الاتحاد السوفييتي نحو 30 ألفا مقابل 7 آلاف حاليا، وذلك بعد التخلص من معظم الرؤوس الحربية لكلا البلدين، والمرتقب التخلص من القسم الآخر. الوعي العالمي رغم أن الحرب النووية بين الدول العظمى في العالم لم تر النور حتى اللحظة بعد اختراع السلاح النووي قبل أكثر من 70 عاما، إلا أن التسلح النووي الحالي لبعض الدول في العالم، وتهديدها بشن ضربات استباقية لدول أخرى، يعكس مدى جرأة هذه الدول على الدخول في هذه الحرب المكلفة بشريا وماديا، في وقت يرى محللون أن تجنب اندلاع هذه الحرب منذ عقود، يرجع الفضل فيها إلى الوعي العالمي، ومدى تأثير المؤسسات العالمية والمنظمات الدولية في التأثير بهذا الخصوص. تعدد القوى النووية بحسب تقارير يبقى الخطر النووي قائما في العالم، مع تزايد التوتر بين بعض الدول، وصعود قوى إقليمية ودولية في قائمة الدول النووية، بعد أن كانت أسلحة الدمار الشامل هذه تنحصر في عدد محدود من اللاعبين الدوليين، فضلا عن اختلاف المعطيات الجيوسياسية والعسكرية. الأزمات النووية بالرجوع إلى التاريخ كانت الحرب النووية على وشك الاندلاع مرتين خلال العقود السابقة، حيث شهد عام 1962 من القرن الماضي، أزمة بين الولاياتالمتحدة وكوبا، عقب اكتشاف الأولى وجود منصات إطلاق كوبية جاهزة لحمل صواريخ سوفييتية يصل مداها إلى السواحل الأميركية. وقرر الرئيس الأميركي حينها جون كيندي فرض حصار بحري على الجزيرة الحليفة الأبرز للاتحاد السوفيتي، فيما باتت القوات الأميركية متأهبة لرفع مستوى الإنذار إلى أقصى حدوده، وحلقت المقاتلات الحربية في الأجواء وتم تزويدها بالصواريخ العابرة للحدود برؤوس حربية. وبعد 40 عاما، أثيرت أزمة نووية أخرى بين الهند وباكستان عام 2002، حيث حشد كل من البلدين نحو 40 مليون عسكري، خاصة في إقليم كشمير المتنازع عليه بين القوتين النوويتين، فيما لوح الرئيس الباكستاني الأسبق برويز مشرف إلى احتمالية لجوء بلاده إلى السلاح النووي في حال تعرضت للخطر. وعلى وقع هذه التهديدات، كثفت كل من نيودلهي وإسلام أباد من تجاربهما الصاروخية، قبل أن ينخفض التوتر إثر ضغوط أميركية أفضت إلى هدنة عام 2003 ثم إلى حوار في العام الذي يليه.