على بعد حوالي ألف ميل من على شاطئ بورتدوغلاس بأستراليا، يقع الحيد المرجاني العظيم -موقع تراث عالمي كما أدرجته اليونيسكو يحتوي على أضخم نظام مرجاني في العالم- وهو مأوى لحوالي 400 نوع مختلف من المرجان، ويقوم السياح بالقفز إلى مياه الشعاب المرجانية الخارجية في رحلة غوصهم التي يرون خلالها المحارات العملاقة والسلاحف البحرية والعديد من الأسماك الملونة، جميعها تسبح فوق المرجان ذي الألوان الزاهية. وتقوم عالمة الأحياء البحرية لورنا هوليت على أحد القوارب، بطرح أسئلة على السياح المبتهجين بألوان المرجان الفاقعة، «كم عدد الأشخاص الذين رأوا مرجانا ذا لون أصفر فاقع؟، وماذا عن اللون الأزرق الفاقع؟ هل رأى أي أحد منكم مرجانا وردي اللون؟». لتفاجئهم هوليت بقولها: «هذه ليست بألوان مرجان طبيعية». لأن المرجان الصحي عادة ما يكون لونه مشابها لألوان الأرض. أما الألوان الفاقعة مثل الوردي والأزرق والأصفر التي رآها السياح أثناء غوصهم ناحية الجزء الشمالي من الحيد المرجاني العظيم، ما هي إلا العلامات الأولى التي تشير إلى أن المرجان بدأ يموت. علامات الموت الثانية قال عالم الأحياء البحرية جون إدموند سون الذي يدير المزار السياحي Wavelength Reef Cruises للسياح «ترون أن لونه بدأ يصبح أبيض». هذه هي العلامة الثانية لموت المرجان. في ال18 شهرا الماضية رأى سون ثُلثي المرجان الموجود على امتداد 400 متر شمالا من الحيد المرجاني العظيم قد تحول إلى اللون الأبيض ومات. وارتفاع درجات حرارة المحيط قد تسببت في أعظم خسارة للمرجان على الإطلاق، وحالة الموت هذه حالة مرعبة بالنسبة لآلاف أنواع الكائنات الحية التي تعتمد على الشعاب المرجانية، بمن فيهم البشر المسؤولون عن هذه الكارثة، وهم الذين يعتمدون عليه لجني أرباح سنوية من السياحة تصل إلى 6 مليارات دولار. هؤلاء الذين يعملون على الشعاب المرجانية لم يتوقعوا بتاتا أن الأوضاع ستتغير بهذا السوء وبهذه السرعة. أثر انبعاث الغازات قامت محيطات العالم بامتصاص بعض من الحرارة الناجمة عن ارتفاع انبعاث الغازات الدفيئة، وفي العديد من الحالات أصبحت مياهها الآن أشد حرارة عن أي وقت مضى في التاريخ على الإطلاق. فالمرجان حساس تجاه تقلبات درجات الحرارة. تماما مثل الجسم البشري، وارتفاع الحرارة ببضع درجات قد يؤدي إلى الإصابة بالمرض، ومن ثم الوفاة. ارتفع متوسط درجة حرارة المحيطات بأكثر من درجة فهرنهايت واحدة. أعربت اليونيسكو عن»قلقها الحاد«حيال صحة الشعاب المرجانية في الأسبوع قبل الماضي رغم أنها قد أزالت الشعاب المرجانية من قائمة للكائنات المهددة بالانقراض. الوضع الطبيعي الجديد في الشهرين الماضيين، قام تيرى هيوز مدير مركز الشعاب المرجانية بجامعة جيمس كوك فى تاونز فيل، بقيادة فريق من العلماء في مسح جوي وتحت الماء للشعاب المرجانية. واستغرق الأمر بعض الوقت، حيث إن الحيد المرجاني العظيم مكون من أكثر من 3000 من شعاب مرجانية منفردة، وقدّرت اكتشافاتهم -التي تم نشرها في مارس في مجلة نايتشر- أن ثلث المرجان قد مات على امتداد كامل الحيد المرجاني العظيم بين مارس ونوفمبر 2016، بسبب درجات الحرارة المرتفعة بشكل قياسي. وأضاف هيوز «ما يُقارب نصف المرجانات الموجودة على الحيد العظيم قد ماتت في مدة تبلغ حوالي 18 شهرا. هذا هو الوضع الطبيعي الجديد». في نهاية يوم الغوص يصل القارب إلى شاطئ دوغلاس، حيث تتواجد هناك الآلاف من ببغاء اللوريو اللوريكيت التي تحلق بين النخيل مع غروب الشمس. بعض المسؤولين والمرشدين السياحيين لا يقولون للسياح الحقيقة حتى لا يفسدون عليهم متعتهم، ولكن اختار هيوز تثقيف الناس بخصوص ما يحدث وما الذي بإمكانهم فعله كي يمنعوا التغير المناخي.