طارق الفردان الملاحظ بين أوساط الشباب وشريحة من المجتمع السعودي، وجود لبس وفهم خاطئ عن مفهوم الليبرالية، وهذا الفهم الخاطئ أتى بقصدية وتشويه كبير من قبل تيارات دينية أغلب مريديها لم يفهموا أصلا المعنى العميق والكبير لليبرالية، فغرسوا في أذهان الشباب أن هذه الفلسفة إنما هي دين آخر وفكر منحرف، حتى إنها أضحت مسبة وشتيمة يشتم بها فقط كل من كان له رأي آخر مخالف لهذا التيار، سواء كان متبنيا لهذا الفكر أم لا. فما هي الليبرالية، وهل هي دين؟ الليبرالية حسب الكثير من المراجع هي فلسفة تأسست على العديد من الأفكار، كان أهمها الحرية والمساواة، والليبرالية بطبيعتها إنسانية تخاطب الأخلاق والسلوك الإنساني، فتجد أن الإنسان أولا هو المحور الذي تدور حوله هذه الفلسفة أو المذهب الفكري، فقد نشأت لرفع معاناة الفرد من تسلط الساسة ورجال الدين (الكهنوت) في أوروبا، والحد من إجبار الإنسان على وجهة نظر أو اعتناق دين ومذهب معين، فالشخص له الحرية في اتباع أي فكرة وله حرية الاختيار، وهذه الفكرة لها أصل في الدين الإسلامي، فقد قال الله تعالى (لكم دينكم ولي دين)، وقال جلّ من قائل (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا، أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين). وهذه الفلسفة كغيرها تطورت عبر الزمن وأخذت اتجاهات وتبنت أفكارا عدة، ولكنني هنا أتحدث عن المفهوم العام الذي تم تشويهه والتدليس عليه في أذهان العامة، وهذا عدوان فكري على مفهوم إنساني رفيع، ويستطيع أي مسلم أن يكون مسلما ليبراليا، لأن الدين علاقة روحانية وإيمانية بين العبد وربه، والليبرالية فكرة غالبا سلوكية يهمها التزام أفرادها بالأخلاقيات العامة للمجتمع والاحترام وتقدير الحريات العامة. فهي إذاً بمفهومها العام لا تتعارض مع دين الإنسان وإيمانه وعلاقته الربانية، وإنما هي سلوك ينتهجه الفرد ويحدد علاقاته مع الآخرين، وهي باختصار كما قال أحد المفكرين أن تعيش وتدع غيرك يعيش.