الليبرالية ليست ديناً، ولا تطرح نفسها بديلاً عن أي دين من الأديان السماوية. ولا ترفع لواء الخصومة مع الإسلام أو المسيحية أو اليهودية أو أية ديانة أخرى. وباقتصار الكلام على الإسلام ، إن تبني المسلم الليبرالية بصفتها فلسفة سياسية لا يمثل شركاً وخروجاً من الدين، ولا يؤدي حتمياً الى تقويض اسلاميته. إن الفهم السائد لليبرالية كنقيض للدين فهم خاطئ، نشره وكرّسه الترويج المستمر لصورة مشوهة ومحرفة عن الليبرالية، تقابله حالة إذعان من قبل الكثيرين من الأغلبية الصامتة لأقلية استأثرت بحق الوصاية الفكرية على أولئك الصامتين، الذين أسلموا أدمغتهم للأوصياء ليصبوا بها ما يريدون من أفكار وقناعات ليتشكل نتيجة ذلك وعي شبه جمعي مشوه سواء بالليبرالية أم بغيرها من الفلسفات والأفكار والمفاهيم، بما يتواءم مع رغبات وغايات الأوصياء، ورؤاهم ومنطلقاتهم الفكرية والايديولوجية. لا يخفى على المتابع تفشي الجهل الفادح بالليبرالية وبغيرها؛ جهل منشؤه الانصياع لإملاءات الأوصياء و التكاسل عن تثقيف الذات باكتساب المعرفة بالأشياء من مصادرها الأولية. في مقالته «الفرق بين المسلم والليبرالي!!»(31/7/2013م)، قدم الزميل محمد العصيمي دليلا فاضحاً لهذا الجهل، بعرضه المقارنة التي عقدها «أحدهم» بين المسلم والليبرالي. وهي مقارنة خطأ من الأساس، وفي المنطلق لافتراض ال»أحدهم» وجود تناقض بين المسلم غير الليبرالي والليبرالي؛ بينما لا وجود للتناقض في الواقع. الإسلام والليبرالية لايمثلان ثنائية متناقضة؛ ولا أن أحدهما نفي للآخر, ولا الليبرالية تجب الإسلام. الإسلام دين سماوي أنزله الباري عز وجل على رسوله عليه الصلاة والسلام، والليبرالية فلسفة سياسية دنيوية من ابتكار الإنسان. ولكن الجهل بالأخيرة جعل ال»أحدهم» يجتهد في انتاج مقارنة بالغة السذاجة، تقدم دليلا دامغاً على ما يحدثه الجهل من دمار وتشويه في عقل الإنسان . يتحمل الليبراليون أنفسهم جزءا كبيرا من المسئولية عن الجهل بالليبرالية المتفشي بين الناس. لقد انشغلوا باعلان وتأكيد «ليبراليتهم» في كل أو أية فرصة تسنح لهم،أو بالانشغال بالصراعات والنزاعات مع «خصومهم» من «المحافظين/ التقليديين يتحمل الليبراليون أنفسهم جزءا كبيرا من المسئولية عن الجهل بالليبرالية المتفشي بين الناس. لقد انشغلوا باعلان وتأكيد «ليبراليتهم» في كل أو أية فرصة تسنح لهم،أو بالانشغال بالصراعات والنزاعات مع «خصومهم» من «المحافظين/ التقليديين»، دون الانتباه الى أن تقويض وتفتيت حالة الجهل بالليبرالية أهم بكثير من عرض واستعراض ليبراليتهم في وسط يناصبها العداء لظنه أن فيها تهديدا لدينه وعقيدته، بينما الأمر ليس كذلك. لو كانت الليبرالية تشكل خطراً على الإسلام، ما عاش في الغرب مسلم واحد من الذين شدوا الرحال هجرةً إليه هرباً من الفقر والجهل والمرض والاضطهاد والقمع؛ وما ارتفعت مآذن في سماوات مدن الغرب الليبرالي ، وما فتحت كنائس أبوابها في رمضان لتقام صلاة التراويح فيها. ما يلفت الانتباه دائما هو أن المهاجرين لا يعودون، ولا يفكرون في العودة؛ دليل على أن «لا خوف عليهم ولا هم يحزنون» من الليبرالية. لكنه الجهل عندما يعربد في العقول يعمي الأبصار والبصائر. اللافت للنظر هو أن الخروج من ظلمات الجهل بالليبرالية وغيرها من الفلسفات والمفاهيم الى نور المعرفة لا يتطلب جهداً عظيماً، لأن الجهاز الاعجوبة المسمى «كمبيوتر» بوابة كبيرة تفتح على بحور من المعلومات. يكفي أن «يغوغل» المرء الكلمة «ليبرالية» لينبسط أمامه-من بين تعريفات كثيرة- تعريف مفيد قصير هو مقدمة مقالة طويلة عن الليبرالية في موسوعة ويكيبيديا:»الليبرالية -من «līberālis ليبِرَالِس- اللاتينية وتعني «حر»- هي عبارة عن فلسفة سياسية أو نظرة عالمية تقوم على قيمتي الحرية والمساواة. تختلف تفسيرات الليبراليين لهذين المفهومين وينعكس ذلك على توجهاتهم، ولكن عموم الليبراليين يدعون في المجمل إلى دستورية الدولة، والديمقراطية، والانتخابات الحرة والنزيهة، وحقوق الإنسان، وحرية الاعتقاد والسوق الحر والملكية الخاصة.» ليس في هذا التعريف ما يفيد بأن الليبرالية دين نقيض للإسلام، ونفي له ،أو خطر عليه. ليس فيه ما يحث على مشاهدة برنامج حليمة بولند أو البكاء عند مشاهدة فيلم رومانسي كما يقول ال»أحدهم» صديق الزميل محمد العصيمي!!. Twitter:@RashedAlkhaldi