يأمل الفلسطينيون أن يتمكنوا من إحداث طفرة في اقتصادهم توقف اعتمادهم على المساعدات الخارجية، ولكنهم يشيرون إلى أن ذلك لن يكون ممكنا دون أن يسيطروا على المنطقة المصنفة (ج) في الضفة الغربية. وتشكل المنطقة (ج) نحو 61% من مساحة الضفة الغربية وتخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، مما يحول دون استغلال الفلسطينيين الإمكانات الموجودة في المنطقة. وبعد إشارته إلى أن «معظمها أراض زراعية غنية بالموارد»، فقد أشار البنك الدولي إلى أن الخسائر التي يتكبدها الفلسطينيون نتيجة «احتجاز» هذه الأراضي تقدر بنحو 3 مليارات و400 مليون دولار سنويا. وحتى ما قبل عدة سنوات قدرت المساعدات الخارجية للفلسطينيين بنحو مليار دولار، ولكن السلطة الفلسطينية أشارت إلى أن هذه المساعدات انخفضت بنسبة 60-70 % في العامين الماضيين. أراضي الضفة قسم اتفاق أوسلو أراضي الضفة الغربية إلى 3 أقسام وهي المنطقة (أ) وهي المدن ذات السيادة الأمنية والمدنية الفلسطينية الكاملة والمنطقة (ب) التي تشمل القرى وتخضع للسيطرة المدنية الفلسطينية والأمنية الإسرائيلية في حين أن المنطقة (ج) الريفية تقع تحت السيطرة الأمنية والمدنية الإسرائيلية الكاملة. ويفسر وزير المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار (بكدار)، الدكتور محمد أشتية، هذه الخسائر الكبيرة بأن إسرائيل تسيطر بذلك أساسا على منطقة الأغوار ومنطقة البحر الميت. وقال «يسعى الاحتلال لإقناع العالم بأن سيطرته على منطقة الأغوار، التي تشكل ما نسبته 28% من مساحة الضفة الغربية، ذات دوافع أمنية لكنها بالحقيقة دوافع اقتصادية، إذ تدر على إسرائيل مئات الملايين»، وأضاف «يعد البحر الميت أهم مخزون للأملاح والمعادن مثل البورمين والبوتاسيوم والمغنيسيوم والفوسفات، يُحرم الفلسطينيون من استخراجها في حين تدر ملايين الدولارات على إسرائيل». قيمة مضافة يلفت البنك الدولي إلى أن إمكانية النفاذ إلى المناطق (ج) قد تسهم في تقديم ما قيمته 700 مليون دولار أميركي إضافية هي قيمة مضافة للاقتصاد الفلسطيني، وقد يسهم استغلال المعادن والأملاح المتوافرة في البحر الميت إلى توليد ما قيمته 920 مليون دولار، فيما أن إتاحة فرصة وصول الشركات الفلسطينية إلى المناطق ج لتطوير عمليات جديدة في مجال استخراج الحجارة قد يفضي إلى قيمة مضافة تعادل 240 مليون دولار أميركي، فضلا عن 240 مليون دولار نتيجة بناء المساكن، و126 مليون دولار دخل حال إقامة منتجعات في البحر الميت. ويشير البنك الدولي إلى أنه «بدون القدرة على الاستفادة من إمكانات المنطقة ج، ستظل المساحة الاقتصادية مفتتة ومتقزمة. ويمكن أن يحدث رفع القيود المتعددة تحولا في الاقتصاد وتحسنا كبيرا في آفاق النمو المستدام». مساحة الأغوار في هذا الصدد، يذكر أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الدكتور صائب عريقات أن: «سلطات الاحتلال تتذرع بالحجج الأمنية لاقتلاع المواطنين من أرضهم وتحويلها لصالح المستوطنين لزراعتها والاستثمار فيها، بمعنى أنه لا مبررات أمنية لوجود الاحتلال في الأغوار، إذ إن سلطات الاحتلال تسيطر على 84% من إجمالي مساحة الأغوار والممتدة من البحر الميت جنوبا وحتى بيسان شمال بطول 108 كيلومترات ونهب 82% من المخزون المائي الفلسطيني ووضعه بتصرف المستوطنين الذين يقومون بري مزارعهم وتربية الأبقار والدواجن والديك الرومي». وأضاف «إجمالي الأرباح التي تحققها سلطات الاحتلال في الأغوار تزيد على 620 مليون دولار، فيما يحرم أصحاب الحق الأصليون منها». معوقات التنمية كان الفلسطينيون أشاروا في محادثاتهم في الأسابيع الماضية مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب وفريقه إلى أهمية إتاحة المجال أمام التنمية الاقتصادية الفلسطينية، بما في ذلك المنطقة (ج) بالتوازي مع محاولة التوصل إلى حل سياسي دون أن يكون اقتصادا بديلا عن السياسة. وقال المستشار الاقتصادي للرئيس الفلسطيني، الدكتور محمد مصطفى، ل«الوطن»: «شرحنا للجانب الأميركي ما هي معوقات التنمية الاقتصادية الحقيقية والتي هي استمرار الاحتلال واستمرار العوائق الإسرائيلية أمام تحرك الأفراد والبضائع، واستمرار عدم قدرتنا على استغلال مواردنا الطبيعية، بما في ذلك الأرض والمياه وترددات الطيف والمعادن، بما فيها الثروة المعدنية في البحر الميت وأهمية تغيير النظام الذي يربط الاقتصاد بين إسرائيل وفلسطين والمتمثل في بروتوكول باريس، وأهمية تطوير البنية التحتية لتخفيف تكلفة الإنتاج على المواطن الفلسطيني وعلى المنتج الفلسطيني»، وأضاف «وجدنا تفهما لمواقفنا، وهذا سيسير بشكل متوازٍ مع الملف السياسي وليس بديلا عنه».