اتفقت الدول المنتجة للنفط الأعضاء وغير الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) أمس على تمديد خفض إنتاجها لمدة تسعة أشهر لتخفيف التخمة العالمية في أسواق النفط. وصرح وزير الطاقة والثروة المعدنية السعودي المهندس خالد الفالح عقب اجتماع 24 من الدول في مقر أوبك في فيينا «فكرنا في مختلف السيناريوهات من ستة إلى تسعة أشهر، حتى أننا فكرنا في خيارات زيادة الخفض». وأضاف الفالح الذي تولى رئاسة الاجتماع مع وزير الطاقة الروسي الكسندر نوفاك، والأمين العام ل(أوبك) محمد باركيندو «جميع المؤشرات قوية إلا أن التمديد لمدة تسعة أشهر هو الأفضل وسيوصلنا إلى مخزونات في إطار معدل خمس سنوات بنهاية العام». تحول جذري شكل الاتفاق كذلك تحولا جذريا في سياسات أوبك بفضل اتفاق دول متنافسة إقليميا مثل السعودية وإيران. فسمح لإيران التي بات بإمكانها استئناف تصدير النفط بعد رفع العقوبات التي فرضت عليها على خلفية برنامجها النووي مطلع عام 2016، بمواصلة زيادة إنتاجها. وقبل التمديد كانت مفاعيل الاتفاق الحالي تنتهي بتاريخ 30 يونيو، إلا أن المعلومات عن المخزونات تشير إلى استمرار وجود فائض عالمي. والأسبوع الماضي، دعمت كل من السعودية وروسيا، منتجي النفط الأكبر بين ال24 المشاركين في الاتفاق واللتين تختلفان سياسيا بشأن العديد من القضايا، تمديد الاتفاق لتسعة أشهر حتى 31 مارس 2018. اتفاق نوفمبر في نوفمبر العام الماضي، اتفق أعضاء أوبك على خفض الإنتاج ب1.2 مليون برميل يوميا. والشهر التالي، اتفقت عدة دول من خارج الكارتل، بينها روسيا، مع أوبك على خفض إنتاجها ب600 ألف برميل يوميا. وكان الهدف هو خفض الفائض الذي تسبب بتراجع سعر النفط من أكثر من 100 دولار للبرميل عام 2014 إلى نحو 25 دولارا في بداية عام 2016. وفيما لقي التراجع في الأسعار ترحيبا في أوساط الشركات والمستهلكين، إلا أنه أحدث فجوة في اقتصادات الدول المنتجة للنفط، بينها دول الخليج الثرية. وكانت فنزويلا بين أكثر الدول المنتجة للنفط تأثرا إذ تفاقمت أزمة البلاد مع تجاوز معدلات التضخم سقوفا قياسية فيما خيم شبح الإفلاس، ما أشعل موجة من العنف قتل جراءها نحو 50 شخصا. ومنذ ديسمبر، استعاد خام برنت - برميل النفط المرجعي - عافيته وارتفع سعر البرميل إلى نحو 60 دولارا من نحو 46 دولارا، رغم أنه انخفض إلى ما دون 50 دولارا عدة مرات خلال هذه الفترة.
النفط الصخري في السابق، تمثلت استراتيجية المنتجين في أوبك بضخ النفط بكامل طاقتهم لدفع الأسعار إلى الانخفاض وهو ما صعّب الأمور على الأميركيين الذين يستفيدون من ارتفاع الأسعار. وعندما وصلت أسعار النفط إلى القاع عام 2016، أعلنت العديد من الشركات في الولاياتالمتحدة إفلاسها. ولكن الكثير منها عادت إلى السوق بفضل ارتفاع الأسعار مؤخرا. وارتفع الإنتاج في الولاياتالمتحدة ب850 ألف برميل إضافي يوميا مقارنة بالانخفاض الذي شهده عام 2016 فبلغ حاليا 9.3 ملايين برميل يوميا، وهو رقم غير بعيد عن الرقم القياسي الذي سجل عام 2015. ورغم الخفض البطيء في التخمة العالمية إضافة إلى احتمال ارتفاع الإنتاج من ليبيا ونيجيريا، إلا أن وزير الطاقة السعودي أكد أنه لا يشعر بالقلق. وأضاف «النفط الصخري مهم ولكننا لا نعتقد أنه سيعيق أو يؤثر كثيرا على ما نفعله».
مراقبة التطورات انخفض سعر نفط برنت بأكثر من دولارين للبرميل بعد الإعلان ليصل إلى 51.66 دولارا، فيما خسر نفط غرب تكساس المتوسط 1.82 دولار ليصل سعره إلى 49.54 دولارا. وقال الفالح أنه نظرا إلى وجود «العديد من المتغيرات» فإن اللجنة التوجيهية للدول الأعضاء وغير الأعضاء في أوبك ستراقب التطورات عن كثب «وتوصي بأي تدخلات أو تعديلات في حال الضرورة». وصرح وزير النفط الإيراني بيجان زنقنه أن «الهدف» في الوقت الراهن هو الوصول بسعر البرميل إلى 55-60 دولارا، وقال إن ذلك «جيد» للمنتجين التقليديين ومنتجي النفط الصخري.