يعلم المهتمون والمحللون للشأن السياسي أن دهاليز السياسة متشابكة ومعقدة، وأنه يصعب عليهم التنبؤ بمجريات الأحداث السياسة والعلاقات الدبلوماسية الدولية. ففي عالم السياسة والتعاملات الدبلوماسية لا تكون هناك صداقة دائمة ولا تحالف دائم، فلغة المصالح تتغلب على كل شيء. وفي ظل هذه العلاقات السياسية الدبلوماسية وبعد أولى زيارات الرئيس الأميركي على مستوى الصعيد الخارجي والتي كانت وجهتها الرياض، فإن ذلك له دلالات كبيرة ومعطيات جسيمة، والتي سوف ترمي بظلالها على المنطقة ومجريات الأحداث الواقعة بها، علماً بأنه لم يكن ذلك التوجه جديداً في السياسة الأميركية، تجاه المملكة العربية السعودية، فالجميع يعرف أن السعودية والولاياتالمتحدة الأميركية حليفتان استراتيجيتان، وتشتركان في تحالفاتهما في قضايا كثيرة على الصعيدين الدولي والمحلي لكلا البلدين. إلا أنه من المعلوم أن علاقات المملكة العربية السعودية خلال الفترة الماضية وبالتحديد في أواخر فترة تولي الرئيس الأميركي السابق أوباما قد شابها نوع من الفتور، وذلك لعدة أسباب علمها من علمها وجهلها من جهلها. كان من أهمها الانحياز الأميركي للدور الإيراني في المنطقة. ومع ذلك فإن إدارة ملف العلاقات الخارجية لدينا وبالتحديد العلاقات السعودية الأميركية، فهو بإدارة قائد وربان مسيرة هذه البلاد خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده، وولي ولي عهده، وهم يدركون جيداً أهمية هذه العلاقة مع الجانب الأميركي. ويعرفون أيضاً ماذا يريد الجانب الأميركي وماذا نريد نحن منه. السياسة الأميركية لها أهداف بعيدة المدى وتسعى دائماً لمصالحها الخاصة، وفي مقدمتها المصالح الاقتصادية والأمنية، ناهيك أيضاً عن اهتمام الولاياتالمتحدة الخاص بالمملكة العربية السعودية على اعتبار أنها محرك أساس في منظمة أوبك، وكذلك في السياسة الخارجية حول العالم، وبالأخص بمنطقة الشرق الأوسط ومحيطه. وحكومتنا تعي ذلك جيداً، ولها أهدافها كذلك في تعاملاتها مع الجانب الأميركي، ونحن نثق بذلك. كما أن لهذه الزيارة رسائلها المطمئنة والإيجابية لنا والمرسلة للجانب الإيراني، وذلك على اعتبار أن المملكة تلعب دوراً محورياً بالمنطقة ولها نفوذها القوي، وهي رسالة قوية بأن هناك تعاونا سياسيا وعسكريا سيكون أكثر من ذي قبل لإعادة الاستقرار للمنطقة، وفرض التوازن العسكري بين القوى الدولية، وحل النزاعات المسلحة، ومحاربة الإرهاب الذي تقوده وتدعمه إيران ومحاصرتها سياسياً واقتصادياً وعسكرياً في مناطق النزاع التي تتواجد فيها داخل الدول العربية.