كشف استشاري في الطب النفسي عن ازدياد الحالات التي تراجع العيادة النفسية والمصابة بالأعراض الاكتئابية والخوف والقلق والتوتر ونوبات الهلع والذعر بسبب الازدحام. وقال استشاري في الطب النفسي الإكلينيكي بالرياض الدكتور وليد الزهراني إن الازدحام الذي تتسم به بعض الطرق في المملكة والتي يظل العابرون من خلالها لساعات طويلة أثناء ذهابهم وعودتهم من الدوام أو المدارس يسبب لهم الكثير من الأعراض النفسية ذات الأثر السلبي على المدى البعيد. وبين الدكتور الزهراني أنه أصبح يلحظ الكثير من الحالات في العيادة تشتكي من تحول الشخصية من الهدوء إلى العصبية، أوإلى الشعور بالضيق والاكتئاب والخمول، وعدم الرغبة في الدوام أو المدرسة بسبب ازدحام الطرق، يقول "من الحالات التي أتت إليّ في العيادة حالة ضعف دراسي لدى شاب مراهق، وحين تم البحث عن السبب خلف هذا الضعف الدراسي، اكتشفنا أنه بسبب ذهابه كل يوم صباحا مع والده عبر طريق الملك فهد وطريق خريص الذي عرف بازدحامه الشديد، وقد عرفت أنه عادة ما يتوتر الأب ويغضب على ابنه ويحط اللوم عليه لتأخره عن الاستيقاظ ، مما جعلهم يضطرون للوقوف ساعات طويلة في الزحام". وأضاف أن من الحالات التي عالجها أيضا حالة موظف يمر عبر الطريق لمدة 7 سنوات، وأصيب بنوبة هلع والتي تسمى أيضا بنوبات الذعر من وقوفه للانتظار في الطريق نفسه، وأعراض هذا المرض تتضمن توتراً وخفقاناً في القلب ورعشة في الجسم، وعدم قدرة على التحرك، مما يضعف قدرة الفرد على القيادة، وبالتالي تعرضه للخطر"، مشيرا إلى أن الكثير من الموظفين يشكون من عدم الرغبة في الذهاب للعمل أو الشعور بالملل والتقاعس الوظيفي، وكل ذلك بسبب الازدحام الذي يواجهونه في الصباح عبر الطرق المؤدية لأعمالهم . وقال الدكتور الزهراني إن الفرد قد يستيقظ في الصباح بمزاج جميل وغير معكر، ويكون مقبلا على الحياة، وعلى الأداء الوظيفي أو الدراسي، فيفاجأ بالازدحام الذي يشعره بالقلق التدريجي من حدوث مكروه أوالتأخر في الوصول للمكان المقصود الذهاب إليه، ثم يبدأ في الشعور بالملل والكآبة وضيق الصدر ، والإحساس بالكبت النفسي والضغط وآلام في القولون العصبي. وعن الآثار المترتبة على هذه المشاعر السلبية بين استشاري الطب النفسي أن الزحام ذو آثار نفسية بعيدة المدى كالإصابة بأمراض نفسية على المدى البعيد، أو أمراض آنية كالتوتر والقلق والكآبة والملل، إلى جانب الآثار الاجتماعية من توتر العلاقة بين الزوجين أو بين الأب وأبنائه، حيث يحط السائق اللوم على من تأخر في الاستيقاظ، أو من تسبب في ضرورة المرور عبر هذا الطريق، ومن ثم التأثير على الأداء الدراسي، ويتسبب في التقاعس الوظيفي، وتأثر تعامل الشخص مع زملائه ومع المراجعين ونحو ذلك، وقد لا يعلم هؤلاء الأشخاص أن السبب خلف ذلك كله هو الزحام. وحول الأساليب التي بإمكان الفرد من خلالها التغلب على الضغط النفسي الناجم عن الازدحام بين الدكتور الزهراني أن "الأساليب الاسترخائية تقع في مقدمة الحلول للتخفيف من وطأة الازدحام، فالفرد بدلا من الوقوف متذمرا أو غاضبا من الازدحام، عليه أن يسترخي، ويتنفس بعمق، ويستغل وقت انتظاره في تهدئة نفسه". وأضاف " ثم يأتي دور التنفيس الانفعالي ، فعلى الفرد ألا يكبت رغبته في الانفعال، وإنما ينفس عنها بطريقة إيجابية، وليس على الآخرين، وبذلك يتم طرد المشاعر السلبية، كما على الأشخاص العابرين من خلال طرق مزدحمة أو من يتعرضون بشكل دائم للازدحام، سواء في طرق السيارات أو غيرها، أن يفكروا بإيجابية، ويتبعوا أسلوب التهدئة للذات، بأن يتلفظوا بعبارات إيجابية ك"سينتهي الزحام الآن ، أوسينفك الطريق الآن"، وغير ذلك، لأن التغذية الإيجابية للذات تخفف كثيرا من ردة الفعل السلبية، ومن التوتر، والأعراض النفسية السلبية التي قد تنجم عن الإيحاءات السلبية التي تزيد الأمر سوءا .