لا شك أن صناعة القرار لدى الحاكم أو القائد الناجح تتقيد بالحنكة والحكمة في إصدار القرار بما يناسبه من الوقت والزمان المناسب. ومن المعلوم للجميع أن القرارات تتفاوت في درجات الحاجة إليها والحاجة إلى إصدارها من الأهم إلى المهم إلى ما هو دون ذلك. ومما لا شك فيه أن صُناع القرار في المملكة العربية السعودية يدركون جيدا حاجة المجتمع للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المتناسقة مع طبيعة النسيج الاجتماعي، مع مراعاته التمسك بالأعراف الاجتماعية لتحقيق التنمية المستدامة في إطار ذلك النسيج وإدراك عدم تجاوز قيمه الدينية والاجتماعية وعدم جرحها, لتلبية تلك الحاجات وبناء الدولة كسائر الدول حول العالم. وفي بعض القرارات يترك الجواب للرأي العام في كثير من التساؤلات عن بعض المواضيع التي تكون في حراك اجتماعي على الساحة المجتمعية. فعلى سبيل المثال لا الحصر، ومنذ عدة سنوات وهو يعاد ويتكرر فتح موضوع السماح بقيادة المرأة للسيارة فيكون الجواب دبلوماسيا من الدرجة الأولى ويرد إلى المجتمع في اتخاذ القرار حيال ذلك وهو صاحب الكلمة الأولى، فمتى ما تقبل المجتمع هذا الأمر فسوف يكون. وكذلك عن فتح دور عرض للسينما، ينقسم الأمر بين طوائف المجتمع بين مؤيد له ومعارض لذلك. كما أن هذا الأمر يرتبط بهيئة الترفية وما سوف تقدم من برامج وعروض ترفيهية للمجتمع. إلا أن مثل هذه القرارات وما أقر منها, ما زالت ترمي بظلالها على المجتمع في ترك السجالات والنقاشات في أوساطه ما بين مؤيد لها وبشدة ورافض لها جملة وتفصيلا. حتى إن الأمر ينقلب في بعض الحوارات إلى جدل بيزنطي. فلا تجد اتفاقا مجمعا حول نقطة تلاق للرأي بين المتحاورين. ويكون نتائج ذلك التعصب للرأي والانقسام في الصف. وفِي الآونة الأخيرة وقبل عدة أيام استبشر الجميع بتصريحات لسمو ولي ولي العهد رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية حول الإصلاحات التنموية بقوله: بأن الشرط الأساسي والجوهري للإصلاح هو رغبة الشعب في التغيير، وفي حال كان الشعب مقتنعا فعنان السماء هو الحد الأقصى للطموحات. وصرح سموه كذلك بأن العمل قائم على توطين صناعة الاستثمار في الترفيه بالمملكة. كما أكد أيضا أن العجز في الميزانية انخفض والإيرادات غير النفطية ارتفعت بنسبة 46% من عام 2014 إلى 2016. ثم بعد ذلك يظهر مسؤول لمركز قياس الرأي العام ويصرح بأن 77% من المواطنين يؤيدون خطة «رؤية 2030».. و82% يفضلون العروض الترفيهية في التجمعات العامة. والتساؤل الأهم هنا: أين دور مجلس الشورى في مثل هذه الاستبيانات والدراسات، الاجتماعية، والمشاركة أو الإشراف على مثل أعمال قياس واستقصاء رأي المجتمع في القرارات المصيرية؟ فمن هذا المنطلق تظهر حاجة المجتمع لتفاعل أكثر ديناميكية من مجلس شورى ينقل رأي المواطن لأصحاب القرار ويكون شريكا أو مشرفا على إجراء عمليات مركز قياس رأي المجتمع. وبذلك يقطع الطريق أمام صراعات التيارات المختلفة داخل المجتمع والبعد عن المهاترات والتشكيك بين طوائف المجتمع . فأغلب دول العالم إذا لم تكن جميعها تكون البرلمانات ومجالس الشورى هي الحل في مثل هذه الحالات واتخاذ القرار بالأغلبية، ويكون دور مجلس الشورى مفعلا وملموسا وذا مكانة مجتمعية ومصداقية له لدى أفراد المجتمع, ويكون صاحب القرار له الحق في تنفيذ توصيات المجلس من عدم ذلك.