قال "د.فايز بن محمد شفلوت" -مدير استطلاعات الرأي العام بمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني إن استطلاعات الرأي العام تتيح الفرصة لصُنّاع القرار في العديد من المؤسسات الحكومية قياس آراء المجتمع ومدى رضاهم عن مسيرة التنمية أو المنتجات أو الخدمات وقياس حاجاتهم المتجددة وكيفية تلبيتها، مبيناً أن استطلاعات الرأي العام وعبر الأدوات التقنية الحديثة يمكن الحصول على المعلومة خلال ساعات، لا سيما عند حاجة صانع القرار لها لاتخاذ قرار هام. وقال في حديثه ل"الرياض": إن الدراسات التي تنتجها بعض الجهات الحكومية لا تزال تحتاج إلى تطوير كامل، خاصةً في المنهجيات المستخدمة، مؤكداً على أن أقلام الكتّاب تُساهم في توجيه بعض القضايا أو الموضوعات الهامة نحو زاوية ما، موضحاً أن البعض قد يتخوف من استطلاعات الرأي التي يجريها مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، وذلك في كيفية استخدام المركز للمعلومة ومدى سرية بياناته، مؤكداً على أن للاستطلاعات عدة معايير، وتشمل الموضوعية والتميز والمهنية وكذلك الالتزام بايصال صوت المواطن، ذاكراً أن مستوى الاستجابة ارتفع في آخر استطلاع حتى وصل إلى (89%) مقارنةً بنسبة استجابة (60%) قبل نحو ثمانية أشهر، وفيما يلي نص الحوار: هموم المواطن * إلى ماذا تهدف الدراسات الاستطلاعية؟ - تهدف إلى الإجابة على تساؤلات عامة لقضايا أو مواضيع عامة يدور حولها جدل، ومعرفة موقف أو توجه الرأي العام حول موضوع أو قضية أو شخص أو مؤسسة أو منتج أو خدمة ما. * أين تكمن أهمية الاستطلاعات؟ - تعتبر المعلومة ذات قيمة عالية جداً، خاصةً حينما تملك المعلومة الدقيقة في الوقت المناسب، واستطلاعات الرأي العام من خلال الأدوات التقنية الحديثة تستطيع أن تحصل على المعلومة خلال ساعات، لاسيما عند حاجة صانع القرار لها لاتخاذ قرار هام. * ما هي أهمية الاستطلاعات بالنسبة لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني؟ - منذ أن التحقت بمركز الملك عبدالعزيز كمدير لاستطلاعات الرأي العام، عملت على الفهم بعمق لرؤية خادم الحرمين الشريفين لمفهوم الحوار، والهدف الأسمى الذي لأجله تم تأسيس مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، ووجدت أن المركز يحتاج للوصول إلى المواطن، ويبادر بالذهاب إليه ليسمع ما لديه من هموم، ويسمع رأيه حول مسيرة التنمية ومدى رضاه عن الخدمات، وما هي تطلعاته؟، فمعلوم أن لدينا أكثر من (26) مليون نسمة، وعلينا أن نسمع لهم ونجلس معهم، هذه هي الفلسفة الحقيقية لمفهومي لاستطلاعات الرأي العام بمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- يحرص على سماع صوت المواطن، ويكررها دائماً بتوجيه المسؤولين بعدم إغلاق الأبواب، ومن هذا المنطلق انطلقنا إلى صناعة الاستبيان. حقائق عامة * ما هي أهمية الاستطلاعات بالنسبة لمتخذ القرار في الأجهزة الحكومية؟ - تتيح الفرصة لصُنّاع القرار في العديد من المؤسسات الحكومية قياس آراء المجتمع ومدى رضاهم عن مسيرة التنمية أو المنتجات أو الخدمات، وكذلك قياس حاجاتهم المتجددة وكيفية تلبيتها، إضافةً لذلك تكمن أهمية استطلاعات الرأي العام في تحديد معالم رأي المجتمع، ومتابعة التغير في التوجهات والآراء حول العديد من القضايا والمواضيع المجتمعية المختلفة، ومن ثم القدرة على التنبؤ بالتوجهات العامة المستقبلية وكيفية معالجتها. * في رأيك، ألا ترى أن تلك الأجهزة الحكومية تستطيع معرفة تلك المعلومات -على سبيل المثال- من خلال إدارات الدراسات التابعة لها، أو المقالات والأخبار المنشورة في الصحف اليومية؟ - للإجابة على السؤال، أولاً: الاستطلاعات التي نعمل بها تستند على قياس الرأي العام وتجلية الحقائق وامتلاك المعلومة القائمة على أساس علمي ودقيق ووفق منهجية علمية، وأيضاً تمكين المجتمع من الاطلاع على الرأي العام، وكذلك لدحض الإشاعات وإيضاح أو تجلية حقائق عامة وبصفة حيادية، ثانياً: بالنسبة لإدارات الدراسات في الأجهزة الحكومية بشكل عام تحتاج إلى دعم أفضل على المستوى المادي والبشري لأداء مهامهم بالشكل الصحيح، كما أن الدراسات التي تنتجها بعض الجهات الحكومية لا تزال تحتاج الى تطوير كامل، خاصةً في المنهجيات المستخدمة، وقد يعود ذلك الضعف إلى عدم قناعة المسؤول بدور وأهمية الدراسات وخاصة الاستطلاعية. نمثّل جهة محايدة في تقديم الحقيقة والحد من إشاعات واجتهادات حسابات مواقع التواصل الاجتماعي آراء مختلفة * هل هناك استطلاعات رأي عام أخرى في المملكة، وهل هناك تحفظ حول مسمى استطلاعات؟ - أي مركز دراسات يستطيع أن يجري استطلاعا، مهما اختلفت مسميات المراكز أو اختلف وصف الدراسات كالميدانية أو الوصفية أو التحليلية أو غيرها، جميعهم يجمعون معلومة ويحللونها بطرق مختلفة، فالعمل واحد مهما اختلفت المسميات، وقد يكون هناك تحفظ حول مسمى استطلاعات، ولا أعلم إلى متى يتم التحسس من مسميات كهذه، رغم أنها في النهاية دراسة، والنظام يسمح بإجراء الدراسات، فلماذا لا تمنع كلمة مسوحات أو كلمة رصد. * قد لا يعرف غالبية المجتمع أهمية الاستطلاعات بالنسبة لهم، ممكن أن نتعرف على أهمية الاستطلاعات بالنسبة لأفراد المجتمع؟ - دعنا نبسط الموضوع ليسهل فهمه، اليوم أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دورا كبيرا في التأثير على الرأي العام، وأسهمت أقلام الكتّاب في توجيه بعض القضايا أو الموضوعات الهامة نحو زاوية ما، وأصبحت تلك الأدوات -في بعض الأحيان- تُلبس المجتمع قناعات غير صحيحة، وتتكلم باسمه وتنطق بصوته، والمجتمع منها براء، وبالتالي في مراحل معينة، يصبح الفرد بين مفترق طُرق إمّا أن يصدّق قناعاته، أو يصدّق الكم الهائل من الآراء المؤيدة أو المعارضة لموضوع أو قضية ما، وبالتالي يحتاج المجتمع إلى جهة محايدة توضح له ما هو الموقف العام للمجتمع حول قضية أو موضوع ما، ونحن في داخل البيت الواحد وبشكل عام نواجه تلك المواقف، حيث تجد أحياناً الزوجة أو الابن يؤيد قضية أو موضوعا أو شخصا نتيجة لتأثير الاعلام بشتى أدواته، بينما رب الأسرة يعارض تماماً تلك القضية أو الموضوع أو الشخص، ومن جهة أخرى، وجود استطلاعات الرأي العام تدعم المشاركة العامة للمجتمع في اتخاذ القرار، وتوصل رأيه من خلال قناة رسمية يُعتد على نتائجها. منظومة متكاملة * إلى أي درجة ترى بمهنية وشفافية وحيادية الاستطلاعات؟، وكيف تعمل على ضمان ذلك؟ - لدى الاستطلاعات عدة معايير ملتزمة بها وتشمل الموضوعية والتميز والمهنية وكذلك الالتزام بايصال صوت المواطن -ونحن ملتزمون بها-، وحينما أجد نفسي غير قادر على ضمان وحماية تلك المعايير، الابتعاد هو الخيار. * قبل عدة أسابيع تم توقيع مذكرة تفاهم مع مجلس الشورى، حدثناً عن أهمية تلك الاتفاقية؟ - بفضل الله، خلال الفترة الماضية تم تنفيذ عدة استطلاعات وكان لها الأثر، ونعني بالأثر هو الإفادة من نتائجها بأشكال مختلفة، حيث كانت بعض نتائج الدراسات داعم حقيقي لسنّ بعض الأنظمة والسياسات التي تعنى بتحقيق رفاهية المواطن، ومن هنا جاءت الحاجة إلى تكوين منظومة متكاملة تهدف بشكل نهائي إلى تحقيق الرفاهية للمواطن، فاستطلاعات الرأي العام بالمركز تملك الأدوات المادية والبشرية التي من شأنها دعم جهود مجلس الشورى، وتقصي رأي المجتمع بشكل مستمر حول العديد من القضايا التي تحتل الأولوية في أعمال المجلس والمواطن. * إلى أي مدى المجتمع جاهز للتجاوب مع استطلاعات الرأي العام التي يجريها المركز؟ - في رأيي ومن خلال التجربة أن المجتمع على استعداد للتجاوب مع الاستطلاعات والاجابة على أي استبانة، لكن ذلك يخضع بشكل رئيسي لموضوع الاستطلاع، وقد يكون الخوف لدى البعض يكمن في كيفية استخدام المركز للمعلومة ومدى سرية بياناته، ولضمان سرية المعلومات في أولويات عمل المركز تم اتخاذ العديد من الاجراءات الفنية والإدارية التي من شأنها تعزيز مستوى السرية، ومنها استخدام برامج حاسوبية متخصصة في مجال الدراسات الاستطلاعية، تضمن المراقبة المستمرة لعملية جمع المعلومات، وكذلك تقييد صلاحيات الدخول الى أنظمة "الكمبيوتر" وقواعد البيانات ومواقع المعلوماتية، إضافةً إلى الاشراف المستمر على سير فريق العمل. أساليب التحفيز * كيف استطاع المركز الوصول إلى هذه المرحلة؟ - بفضل الخبرة التراكمية لعمل الاستطلاعات، استطعنا في المركز ومن خلال الدورات التطويرية لمهارات الاتصال تطوير فريق العمل للتعامل مع جميع فئات المجتمع بحرفية عالية، ويعني ذلك بأن فريق العمل أصبح قادراً على فهم الطرف الآخر وفهم مستوى ثقافته من خلال الثواني الأولى للحديث، وهذا ساعدنا كثيراً في تنويع لغة الحوار لتتناسب مع فكر الشخص المستقبل للاتصال، ومن ثم طرح الأسئلة بلغة مبسطة جداً عند الحاجة لذلك، ومن جهة أخرى، عملنا على تطوير أساليب التحفيز لكي نتمكن من رفع نسبة الاستجابة، وتم ذلك من خلال استخدام أساليب تتناسب مع الذكر والأنثى أو الكبير والصغير، وقد حققت نتائج عالية جداً في مستوى الاستجابة، ونجد أن مستوى الاستجابة في آخر استطلاع تفوق (89%) مقارنة بنسبة استجابة (60%) قبل نحو ثمانية أشهر. * هل كان الاعتماد فقط على تنويع الأسلوب لتحقيق تلك النسبة العالية؟ - في الحقيقة الجواب لا، لكن تحققت تلك النسبة مع أخذ عوامل أخرى بعين الاعتبار، فقد تم تطوير جميع معايير اختيار فريق العمل بما فيها المؤهل العلمي، وإخضاعهم لعدة اختبارات تعنى بدرجة ومستوى الصوت وأسلوب الحوار وأسلوب الإقناع، كذلك تم تطوير البرنامج الداخلي (software) لنتمكن من مراقبة الاتصال لضمان مستوى جودته، وتقييم مستوى المحادثة والتوجيه أثناء الاتصال. استطلاعات «العمالة» و«التصنيفات» و«التحرش» أكد «د. فايز بن شفلوت» على أن مواضيع استطلاعات الرأي لا تخرج عن الموضوعات التي يتم رصدها بشكل يومي من خلال وسائل الإعلام المختلفة، مضيفاً أن هناك عدد من القضايا التي لا تطرحها -مثلاً - الصحف اليومية، ويناقشها المجتمع في مجالسه، مُشدداً على ضرورة عدم إغفال قضايا لها انعكاسات خطيرة على وحدة المملكة واستقرارها، مشيراً إلى أنه يتم اختيار الموضوعات الاستطلاعية من خلال المتابعة والرصد اليومي لوسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي، مبيناً أنه يتم رصد القضايا والمواضيع الاجتماعية كقضايا الأسرة والقضايا التنموية والصحية والتعليمية والاقتصادية والقضايا العامة، وغيرها من القضايا التي تعني بالمواطن وجوانب التنمية بكل محاورها. وقال إنه تم إجراء عدة استطلاعات شملت العمالة المنزلية والتصنيفات الفكرية والتحرش الجنسي، وكذلك خطبة الجمعة والتأثير المجتمعي والولاء التنظيمي، وواقع الاشاعات في المجتمع، ومتوسط حجم العينة لكل استطلاع من (900-1000) شخص، مضيفاً أن المركز يضم معملاً متكاملاً للاستطلاعات الهاتفية بأعلى المواصفات التقنية الحديثة، وزُوِّد بنظام حاسوبي متطور مخصص للاستطلاعات الهاتفية، حيث يتم اختيار العينة عشوائياً. كذلك يتم الاتصال الآلي من دون الحاجة للتدخل البشري، ويعمل بالاستطلاعات أكثر من (25) موظفا ومتعاونا، إضافةً إلى وجود مستشارين أكاديميين متخصصين في عدد من المجالات الاجتماعية والاقتصادية، مؤكداً أنه يتم إرسال نتائج الدراسات الاستطلاعية إلى الجهات الحكومية التي من الممكن أن تستفيد منها. د.فايز مُتحدثاً للزميل أبكر الشريف «عدسة- معاذ اليحيى»