هناك من الناس من يجهل ماذا يمكن أن تفعل الكلمة بنا، وهل لها تأثير ملموس في حياتنا؟ الجواب بالتأكيد نعم، فحينما تكون الكلمة حادة تصبح كالسكين لديها القدرة على أن تصل إلى الأعماق وتجرح بقوة وتتسبب في نزيف مستمر من المعاناة والكآبة، لكن الكلمة الطيبة مثل الشجرة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي ثمارها ولو بعد حين. الكلمة الطيبة على حد تعبير واثق طهيوب «قد تكون شعرا أو نثرا لا يهم...لكن صدق قائلها وعظم مضامينها كفيل بتغيير قناعات وقلب موازين وبناء واقع جديد». وبالإضافة إلى ما يتمتع بها الإنسان من القوى، مثل القوة الصحية والنفسية والجسدية، هناك قوة لا يستهان بها.. قوة الكلمة. الكلمة ليست مجرد موجات صوتية نطلقها، ولا مجموعة أحرف نرسمها على الورق، إنها أعظم من ذلك، فهي تبث مشاعر وصورا في العقل وتمثل أخلاق وأدب قائلها؛ فالكلمات هي شرح لك ولشخصيتك، ومن القلب الصالح تخرج كلمات البناء، ومن القلب الشرير تخرج الكلمات للهدم.. الكلمات لها قدرة على تحويل الأعداء إلى أصدقاء، ولها قدرة على العكس أيضا، ولذلك فإن دراسة مدى تأثير الكلمات على عقولنا وانفعالاتنا أمر مهم جدا، لأننا نتواصل مع الناس بشكل مستمر: نقرأ ونكتب ونسمع ونتحدث. التأثير الخطير للكلمة برأيي الشخصي يتمثل في كونها تشكل نوعا من الإيحاء الذاتي، فالكلمات تستقر في العقل الباطن، ثم تترجم بفاعلية إلى سلوك. علماء النفس يؤكدون أن الكلمات الجارحة سميت جارحة لأنها تسبب جروحا حقيقية في الدماغ وتميت عدة خلايا أو تتلف عملها، مسببة نوعا من العطل في التفكير، ولهذا يعاني الشخص المجروح آلاما نفسية وشعورا سلبيا وإحباطا، ليس هذا فقط، بل كثيرا ما يتحول الشخص المجروح إلى شخص فاشل غير منتج. لهذا فإن الكلمات الحلوة الجميلة لها تأثير السحر، ليس على المستوى النفسي والمعنوي فقط ، وإنما على المستوى الصحي والجسمي كذلك، فالكلمة الطيبة تؤثر على الروح المعنوية للإنسان فتجعله منشرح الصدر، فرحا سمحا مبتهجا قادرا على مصالحة نفسه ومصالحة الآخرين، لكن بشرط أن تكون تلك الكلمة نابعة من القلب وليست مجرد مجاملة، أو كلمات جوفاء فقط. الكلمة من أقوى أسلحة العصر ولن يستطيع العلم الحديث – مهما تطور- اختراع مهدئ للأعصاب أفضل من الكلمة اللطيفة التي تقال في اللحظة المناسبة.