«تخاصم ديكان يافعان على كومة من المهملات، وكان أحدهما أقوى من الآخر، فسحق الديك الأول صاحبه وطرده بعيدا، فاجتمعت كل الدجاجات، وأخذن يصفقن ويهللن له، ولكن الديك المنتصر لم يكتف بذلك، فأراد أن يستعرض قوته ومجده أمام جميع الدجاجات في الحقول المجاورة، فقفز حتى صار أعلى سطح البيت، وخفق بجناحيه بصوت عال: انظروا إلى جميعكم! أنا الديك المنتصر، وليس لأي ديك آخر مثل قوتي. وقبل أن يكمل كلامه انقض عليه صقر، وأطبق عليه مخالبه». (من أساطير ليو تولستوي) هذه القصة نسقطها على من يتوهم أن قوته هي الوحيدة في محيطه الاجتماعي، وعلى من أوصله غروره وشهرته إلى إسقاط حقوق الناس.. ونقول له: «يداك أوكتا وفوك صاح» يا ديك.. كما أن ما قام به الديك في الأسطورة يحصل في عالم بعض البشر، وخاصة إذا انتقل من حالة ضعف إلى حالة قوة، واتخذ المنصب كقناع، ونسي أنه يزول عنه في أية لحظة.. بعض البشر يرى أنه يشبه الديك المتغطرس في مشيته الأقرب إلى الطيران حتى وإن كان لا يتجاوز سطح المنزل أو المنشأة التي يجثم على إداراتها، وفي هيأته وفي سلوكه يوحي إليك بأنه من الحكماء ، وأن الله منحه وحده القدرة على كل شيء. أخشى على صاحبنا المتغطرس جراء مديح الناس أن يرفعه فجأة إلى أعالي السماء كما فعل الدجاج الملتف حول الديك، ثم يهوي به في لحظة فرح وحيويه، فتتحطم أضلاعه، ولا يبقى حوله إلا أهل النقاء والصفاء، أو يقفز مثل الديك على سطح مكتبه الوثير فينقض عليه من ينتف الجناح. فلا تتصرف يا صاحبي كتصرف الديك وتصرف كل اهتماماتك لأصحاب الذوات، وتنشغل بمجالستهم عن الناس المنسيين والمهمشين ممن لا يأبه بهم أحد، وقل في كل صباح وأنت تدلف مع باب مكتبك الوثير (اللهم أشغلني بخدمة ضعاف خلقك) الذين لا يقدمون من القرابين سوى إخلاصهم وحبهم وودهم.