فيما يخسر نظام الأسد المئات من ضباط الجيش في المعارك الدائرة مع المعارضة في عشرات الجبهات المفتوحة، إلا أن مقتل ضباط كبار من أركانه يثير تساؤلات وشكوكا حول ما إذا كان موت هؤلاء تصفية لحسابات أو تغطية لجرائم قاموا بها لحساب النظام. السبت الماضي عمت الفرحة معظم السوريين، لا سيما سكان حمص، عقب مقتل المسؤول الأمني الأول في المحافظة، العميد حسن دعبول، المعروف ب«آمر فرع الموت». واختلطت مشاعر فرحهم بمصرع قاتل شباب المدينة بالخوف من الانتقام الذي لم يتأخر بحق أهالي حي الوعر المحاصر. ودعبول لم يكن الضابط الأمني الوحيد البارز الذي قُتل في سورية بعد اندلاع الثورة، ويورد موقع «كلنا شركاء»، السوري المعارض، أن العملية الأبرز خلال السنوات الماضية كانت «انتحار» وزير الداخلية الأسبق، اللواء غازي كنعان، في 12 أكتوبر 2005 في مكتبه، وقد سارع إعلام النظام حينها للإعلان عن مقتل وزير الداخلية، وذلك عقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري. ولم يستغرب أحد أن يلجأ نظام الأسد إلى التخلص من الشاهد الرئيسي لحقبة الوجود السوري في لبنان، فالقتيل عرف بأنه الحاكم الفعلي للبنان خلال سنوات طويلة بعد اتفاق الطائف. استهداف المتورطين خلال السنوات الست الماضية من الصدامات والمعارك في سورية، قتل الآلاف من ضباط النظام في المعارك مع كتائب الثوار، لكن وقعت مجموعة من العمليات الأمنية التي يلفها الكثير من الغموض، والتي أسهمت بشكل كبير في تغيير مجريات الأحداث. وأبرز تلك العمليات تفجير مبنى الأمن القومي، أو ما عُرف وقتها بتفجير خلية الأزمة، في 18 يوليو 2012، في أكبر عملية تصفية داخلية، وأسفرت العملية عن مقتل قادة الصف الأول في مؤسسة النظام الأمنية، وهم وزير الدفاع، العماد داود راجحة، ونائب وزير الدفاع، العماد آصف شوكت، ورئيس مكتب الأمن القومي، اللواء هشام بختيار، ورئيس خلية الأزمة، العماد حسن تركماني. ورغم مسارعة النظام وماكينته الإعلامية للإعلان أن مبنى الأمن القومي تم استهدافه بمادة C4 شديدة الانفجار، مما أدى لمقتل الضباط الأربعة، إلا أن أي جهة من المعارضة لم تتبن العملية بشكل رسمي، وبقي الغموض يلفها حتى اليوم، رغم تقارير تحدثت عن ضلوع الإيرانيين في عملية التفجير. طمس الأدلة في الفترة نفسها اغتيل العميد محمد سليمان على شاطئ اللاذقية، وتعددت الروايات حول مقتله، إلا أن الثابت هو أنه كان مكلفا بالعلاقة مع حزب الله وإيران وعلى صلة باغتيالات لبنان. وفي 17 أكتوبر 2013 أعلن النظام عن مقتل مدير فرع المخابرات العسكرية في دير الزور، اللواء جامع جامع، وذكرت وسائل الإعلام المحسوبة على النظام أنه قتل بطلقة في رأسه، في أحد أحياء المدينة. وجامع هو أحد أبرز المطلوبين للمحكمة الدولية، وكان المسؤول الأمني الأول للنظام في بيروت، وقت حدوث جريمة الاغتيال. وقبل ذلك كان المسؤول الأول عن أمن الرئيس اللبناني، رينيه معوض، الذي قضى بتفجير موكبه في بيروت بعد أسابيع قليلة على انتخابه. وفي 24 أبريل من العام نفس أعلن إعلام النظام موت رئيس شعبة الأمن السياسي، اللواء رستم غزالي، نتيجة مرض عضال، إلا أن تقارير استخبارية تؤكد أنه اغتيل عبر حقنه بمادة السيانيد.