وجّه تقرير أعدته الباحثة في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، حنين غدار، أصابع الاتهام إلى النظام الإيراني بتعمد خرق الهدنة المتفق عليها بين روسيا وتركيا، لتهيئة الأجواء لبدء مفاوضات سياسية بالعاصمة الكازاخية أستانة، والإيحاء لميليشيات حزب الله بمواصلة تجاوزاتها في وادي بردى الذي يمد العاصمة دمشق بالمياه الصالحة للشرب، وذلك بهدف عرقلة أي محاولات للتوصل إلى حل سياسي للأزمة، وفرض بقاء نظام الأسد في الحكم، رغما عن رغبة السوريين أنفسهم. وأكد التقرير أن روسيا عازمة على بدء صفحة جديدة في سورية، مع قرب تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الذي سيعمل على التوصل إلى نهاية للحرب، مضيفا أن هناك اختلافا كبيرا بين مصالح روسيا، التي تركز على تأمين منفذ بحري لها في الشرق الأوسط، ولا تريد اغتصاب سلطة الأسد بواسطة قائد فيلق القدس قاسم سليماني، فيما تتمثل أهداف إيران في السعي لتقوية نفوذها في العاصمة دمشق وريفها، من أجل ضمان الممر الشيعي الذي يمتد من العراق ويصل إلى لبنان. وأوضح التقرير أن ميليشيا حزب الله تتلقى أوامرها مباشرة من النظام الإيراني لإفشال أي هدنة لوقف إطلاق النار في البلاد، تجنبا لأي خطوات تمهد لمفاوضات سياسية، وهو ما يختلف كليا عن مساعي روسيا وتركيا. خلافات مستقبلية أشارت الكاتبة إلى أن دور إيران في الهدنة الأخيرة كان ضعيفا ومهمشا، بعكس الدور التركي والروسي، وهو الأمر الذي يشير إلى عدم رضا الأولى عن هذا الاتفاق، مضيفة أنه من المستبعد أن تسحب ميليشياتها من سورية بكل سهولة، بسبب الاحتياج الشديد لها، لافتة إلى أن الخطوات التي قطعتها موسكووأنقرة لاستصدار قرار من مجلس الأمن بخروج الميليشيات يمكنها أن ترغم طهران على الاستجابة. مؤكدة أن التحالف بين روسياوإيران كان على الدوام مؤقتا وهشا، رغم اتفاقهما على دعم نظام الأسد وإدارة الحرب، إلا أنه من المؤكد أنهما يختلفان بالكلية على طريقة إنهائها. العقبة التركية حذر التقرير من أن مخاوف إيران لا تقتصر على النفوذ الروسي فقط، بل إن الحضور التركي القوي في سورية أصبح يقلقها، خصوصا أنهما تختلفان في عدة نقاط جوهرية حول الأزمة السورية، أهمها إصرار أنقرة على إخراج ميليشيات إيران من البلاد، في وقت تصر فيه الأخيرة على تفريغ المناطق ذات الأغلبية السنية من سكانها على غرار ما فعلته مؤخرا في أحياء حلب الشرقية. وخلص التقرير إلى أن ثمة مواضيع خلافية عدة ما زالت لم تحل بين إيرانوروسيا، أهمها مصير الأسد، والتفاهمات حول إعادة إعمار سورية، وإعادة اللاجئين، في حين سيدخل الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، البيت الأبيض قبل اجتماع أستانة، وهو الأمر الذي يمكن أن يضمن ورقة أميركية على طاولة المفاوضات الغائبة عنها منذ فترة.