تنطلق اليوم أعمال قمة مجموعة الدول العشرين في سول وسط مخاوف من وقوع حرب عملات بعد أن وجهت أبرز دول العالم انتقادات شديدة للولايات المتحدة المتهمة بتهديد توازن الاقتصاد العالمي عبر تشجيع ضعف الدولار. وفي حين قال الرئيس الأميركي باراك أوباما في رسالة إلى مجموعة العشرين أمس إن الاقتصاد القوي هو أهم مساهمة تستطيع الولاياتالمتحدة تقديمها للانتعاش العالمي، أكد المتحدث باسم القمة كيم يون كيونج أمس إن المندوبين الذين يصيغون مسودة بيان ختامي الذي سيصدر بعد انتهاء القمة غدا ما زالوا مختلفين بدرجة كبيرة فيما يتعلق بالقضايا الأساسية ومنها أسعار صرف العملات. وقال كيونج"انتهى اجتماع ممثلي وزارات المالية بالفشل في وضع مسودة بيان نهائي، وبقيت كل دولة على موقفها الأساسي، لم يشأ أحد التنازل، واضطروا لإبقاء الباب مفتوحا، لأن النقاش كان محتدما جدا وكان ينقصنا أكسجين". وأضاف كيم الذي رفض الخوض في تفاصيل الخلافات أن "كل شيء ترك بين قوسين لأن أحدا لم يكن قادرا على التوصل إلى اتفاق". وتجتمع دول مجموعة العشرين التي تمثل معا 90% من الاقتصاد العالمي، للمرة الخامسة منذ ديسمبر 2008 بهدف إبعاد مخاطر الحمائية وتجنب حصول انكماش جديد بعد الأزمة المالية التي وقعت في عام 2008 وخفض الخلل في التوازن الاقتصادي. ولهذه الغاية تريد الولاياتالمتحدة، أن تتعهد بالحد من فائض حساباتها الجارية (الفائض التجاري وعائدات أخرى). وتطالب أيضا بإعادة تقييم أسرع للعملة الصينية التي يساهم سعرها المنخفض في العجز التجاري الأميركي الكبير. لكن الصين وألمانيا رفضتا أي التزام محدد بالأرقام. وترغب الولاياتالمتحدة في تحديد فائض الحسابات الجارية بنسبة 4% من إجمالي الناتج المحلي، لكنها عدلت في نهاية الأمر عن هذا الهدف بالأرقام. وتنتقد الصين والدول الأوروبية وفي مقدمها ألمانيا، بشدة سياسة الإنعاش الاقتصادي الأميركية التي تضعف الدولار، حيث من المتوقع زيادة تدفق رؤوس الأموال المضاربة نحو الدول الناشئة. فقد أعلن الاحتياطي الفدرالي الأميركي عن ضخ 600 مليار من السيولة الإضافية في الاقتصاد عبر شراء سندات خزينة، في قرار من شأنه إضعاف الدولار وبالتالي تشجيع الصادرات الأميريكية. وتعتبر المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن اليورو "يجب ألا يتحمل وحده ثقل" السياسات النقدية التي تهدف إلى إضعاف عملات أخرى إلى مستوى منخفض وذلك في مقابلة نشرت الأربعاء في صحيفة "دي فيلت". واعتمد رئيس وزراء مالية منطقة اليورو جان كلود تريشيه لهجة مشددة أيضا حيال السياسة النقدية الأميركية متحدثا الاثنين عن تصرفات "أنانية" من قبل بعض الدول. وفرنسا التي ستتولى رئاسة مجموعة العشرين في ختام قمة سول تدعو إلى إصلاح النظام النقدي الدولي للتصدي لوقوع حرب عملات. لكن الوضع يبدو معقدا ولا يزال غامضا. والهدنة التي تم التوصل إليها في نهاية أكتوبر في غيونغجو (كوريا الجنوبية) من قبل وزراء مالية مجموعة العشرين تبدو هشة. فقد تعهد وزراء المالية ب"خفض الخلل المفرط في التوازن" ودعوا إلى معدلات صرف "تحدد أكثر عملا بالسوق". وكان زعماء مجموعة العشرين يأملون أن يشهد اجتماع هذا الأسبوع وهو الخامس منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008 بداية عهد جديد للتعاون الدولي. وطبعت كوريا الجنوبية التي تستضيف القمة لافتات تحمل شعار "نمو مشترك لتجاوز الأزمة". لكن الوحدة التي تحققت وقت الأزمة أفسحت المجال أمام تباعد السياسات الوطنية الذي يعكس سرعات متفاوتة للانتعاش من الركود مما دفع المنتقدين للتشكيك في فاعلية مجموعة العشرين ذاتها. فأغلب الاقتصادات الكبرى تعاني نموا أقل من المطلوب مما يتركها معتمدة على الصادرات في حين انطلقت الاقتصادات الناشئة الكبيرة مثل الصين والبرازيل إلى مستويات النمو السابقة على الأزمة. وأثار النمو البطيء في الدول المتقدمة مخاوف من أن الحكومات على مستوى العالم ستتنافس على سوق الصادرات الراكدة عن طريق خفض قيم عملاتها. ومما يؤكد ذلك قول مسؤول صيني يشارك في صياغة البيان الختامي للقمة إن الزعماء يجب ألا يبحثوا اليوان أو أي عملة أخرى على وجه الخصوص. وقال المسؤول الهندي كذلك إن البيان الختامي لن يخص بالذكر عملة بعينها. ومع ذلك ارتفع اليوان إلى 6.6353 يوانات للدولار في السوق الفورية أمس وهو أعلى مستوياته منذ رفع قيمة العملة في يوليو 2005 بعد أن حدد بنك الشعب الصيني نقطة وسط قياسية لنطاق تذبذب العملة.