بيّن ناشرون مشاركون في معرض جدة للكتاب الحالي، أن القرصنة وسرقة الحقوق منتشرة في المعرض، خصوصا في الكتب المترجمة، بسبب غياب التشريعات والضوابط القانونية، وجشع بعض دور النشر، وغياب تقاليد المعارض الدولية الكبرى، داعين اتحاد الناشرين العرب إلى تفعيل اتفاقيات حماية حقوق الملكية الفكرية. كتب مقرصنة 1- روايات الكولومبي ماركيز 2- كتب الفرنسي ميلان كونديرا 3- روايات التشيلية إيزابيل الليندي دعا ناشرون اتحاد الناشرين العرب لتفعيل اتفاقيات حماية حقوق الملكية الفكرية، ووقف قرصنة الكتب، خاصة الأجنبية منها، التي تنتشر عدة ترجمات مختلفة ومتفاوتة لها حاليا في معرض جدة "الدولي" للكتاب. وجدد المعرض مواجع وهموم النشر العربي وصناعة الكتاب، خاصة فيما يتعلق بحركة الترجمة، والحقوق وعقد الصفقات وبورصة الكتاب. ففي الوقت الذي شهد فيه معرض جدة الثاني للكتاب توافد أكثر من 100 ألف زائر منذ انطلاقته حتى أمس، سجلت كتب السير الذاتية لسياسيين وأعلام القرن العشرين حضورا بين أعلى الكتب مبيعا، بالرغم من أن أكثرها كان مترجما. معايير الجودة في الترجمة رصد زوار للمعرض وجود ترجمات مختلفة قد تتجاوز الخمس لأعمال روائية شهيرة، تأتي في مقدمتها أعمال الكولومبي ماركيز، والفرنسي ميلان كونديرا والتشيلية إيزابيل الليندي وغيرهم، مع وجود تباينات في الترجمة، تبعا لتنوع المترجمين. وقال أحمد حسين من دار جروس برس ل"الوطن": غياب التشريعات والضوابط القانونية التي تمنع الناشرين من التعدي على حقوق النشر والترجمة، مشكلة أزلية في العالم العربي، رغم المحاولات الحثيثة التي بذلها اتحاد الناشرين العرب، لكن ما زالت مستمرة، فبسهولة تستطيع أن تجد في المعارض العربية ترجمتين أو أكثر لإصدار واحد، وربما قد لا يملك الناشر حقوق الترجمة. ويرجع حسين ذلك إلى جشع بعض دور النشر وتجاهلها حقوق الملكية الفكرية، وعدم صرامة تنفيذ القوانين، وبعض الناشرين يتغاضى تماما عن معايير الجودة في الترجمة، أو مصداقية المترجم، وهنا يكون الضحية هو العمل المترجم والقارئ، الذي يضيع بين أكثر من ترجمة، دون أن يكون قادرا على معرفة الترجمة الأفضل، أما حقوق المؤلف فإنها ذهبت ضحية جشع هؤلاء الناشرين، كما ذهبت معها القيمة الأدبية والجمالية للعمل، لذلك تدارك هذا الأمر الناشر اللبناني ناصر جروس وهو سفير العالم العربي إلى معارض الكتاب، ويتمتع بالتقدير والاحترام من الجميع في مجتمع النشر الدولي، على تمهيد الطريق لناشرين غربيين للاشتراك في معارض الكتب في العالم العربي، وبدأ جروس فعليا عام 2003 حين حل العالم العربي "ضيف شرف على معرض فرانكفورت، مما سهل التواصل على نحو أفضل بين العرب والأوروبيين، وفتح الآفاق لمزيد من التعاون بين الناشرين، وساهم في ترسيخ اتفاق رسمي مع منظمي المعارض ريد Reed في 2006 لإنشاء روابط بين ناشرين أميركيين والعالم العربي لمعرضي الكتاب الدولي في كل من لندن والولايات المتحدة واللذين تنظمهما الشركة.
تقاليد غائبة ينتقد الروائي عبدالله التعزي الذي تحضر روايته الجديدة "أجساد جافة" الصادرة عن دار كلمات المعرض، تسابق الناشرين على الأرباح من المبيعات، دون محاولة الارتقاء بمفاهيم وفلسفة معارض الكتب، لافتا إلى أن غالبية معارض الكتب العربية هي عبارة عن سوق لبيع الكتب فقط، فالترجمة التي لا تستند إلى مسوغ قانوني، تعبر بالضرورة عن حال الناشر الذي يبحث عن الربح المادي. ويضيف التعزي: تسويق كاتب أو كتاب جدد، وبورصات بيع حقوق النشر والترجمة، تقاليد تغيب كليا عن المعارض العربية، ففي كل دورة لأحد معارض الكتاب الدولية يكون الحدث الرئيس هو "صناعة الكتاب" عبر "بورصات الكتب"، حيث يقدم العارضون نماذج من إصداراتهم الحديثة، ويمضون الوقت في عقد صفقات بيع حقوق النشر والترجمة وتسويق أسماء جديدة أو متداولة بكتب جديدة ضمن بروشورات معدة سلفا بأكثر من لغة، أي أن المعرض يقام ليلتقي أبناء المهنة بهدف تدارس المستجدات في عالم النشر، وما إلى ذلك، إضافة إلى تنظيم حفلات حقيقية وليست استعراضية لتوقيع الكتب الجديدة بحضور كتابها في أجنحة دور النشر التي تبدع في استغلال المكان بعرض كمية من الكتب وصور الكتاب الضخمة، دون التوقف عند عمر معين لكاتبة أو كاتب، فترى صورة كاتب شهير بجانب صورة أخرى لكاتب شاب يشق خطواته.
معارض للبيع فقط أرجع المدير العام لدار روافد المصرية الناشر إسلام عبدالمعطي، غياب تقاليد المعارض الدولية الكبرى، عن المعارض العربية، إلى واقع العالم العربي بشكل عام، وترسخ مفاهيم خاطئة حول فكرة المعرض، وتابع عبدالمعطي: أذكر أن مؤسسة خليجية كبرى حاولت ذلك لكن مشروعها تراجع بعد سنة من انطلاقته في معرض فرانكفورت عام 2008 وفشلت تجربة ترجمة ديوان الشعر العربي للغة الفرنسية، بالتعاون مع دار جاليمار الفرنسية، وغابت المؤسسة عن معارض الكتاب التي كانت تريد أن تدخل بقوة بمليارات الدولارات في سوق النشر العربية والدولية. ويضيف أن هناك جدوى بالتأكيد من الانفتاح على دور النشر الأجنبية، لكن واقع العالم العربي صعب من عدة نواح، في مقدمتها الاقتصادية والسياسية والثقافية بشكل عام، يحول دون هذا الانفتاح بشكل عملي وسليم. ومن هنا يرى عبدالمعطي أن الناشر العربي مقيد بسلسلة من المعوقات، لذلك تجده في معارض مثل فرانكفورت ولندن ونيويورك وباريس لا يعقد صفقات أو تسويق حقوق أو كتب، ويفضل المشاركة في هذه المعارض العربية وينحصر نشاطه في تسويق الكتاب العربي، أما الكتاب المترجم فهو يحتاج إلى اتفاقيات مع دور النشر الأصلية الأجنبية أو المؤلف، وهي حركة محدودة جدا على مستوى العالم العربي، نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة فيه وتواضع دخل الفرد، فنشر الكتاب في الغرب مكلف جدا مقارنة بواقع العالم العربي.