اليوم ينطلق معرض الرياض الدولي للكتاب، آلاف الكتب في مختلف الفروع، ومئات الآلاف من الزائرين لهذا المعرض، وربما يعتبر هذا المعرض هو الأكثر تسويقاً والأعلى مبيعاً في العالم العربي، الأمر الذي صرح به كثير من الناشرين العرب، قياساً بما يقارب أكثر من ثلاثة عشر معرضاً ينظم في أنحاء العالم العربي، خلال العام الواحد. ولعل خبرتي المتواضعة، وزياراتي على مدى سنوات طويلة إلى مختلف المعارض في العالم، تجعلني أجزم بأن معرض الرياض يتطور من عام إلى آخر، رغم أن طموحنا بدأ يكبر عما يتوفر أو يتحقق في الدول العربية، وحلمنا أن يكون فعلاً معرضاً دولياً، لا من خلال ضيف شرف ندعوه، كي يقدم ثقافته خلال يومين أو ثلاثة، ونمنحه جناحاً مناسباً في المعرض، بل من خلال صالة إضافية، حتى لو كانت صغيرة، تضم دور النشر الأجنبية، ولا أعني مشاركة بضعة دور لا تتجاوز أصابع اليد، معظمها دور عربية تطبع بلغات أخرى، وتقيم في الغرب، بل دعوة دور النشر العالمية العريقة، ومنحها أجنحة، وتكريس آلية إجراء الاتفاقيات وتوقيع العقود بين الدور الأجنبية والعربية، وبينها وبين المؤلفين والمترجمين ووكلاء الأعمال، نتمنى ألا يقتصر المعرض، مثل غيره من المعارض العربية، على بيع الكتب للمرتادين، بل أن يطبق آلية المعارض العالمية، فرانكفورت، لندن، نيويورك وغيرها، والتي تصل إجراءات التعاقد فيها بين دور النشر الأجنبية إلى مليارات الدولارات. ربما هذا الأمر يحتاج إلى جهد كبير، وعلاقات واسعة بمختلف أنحاء العالم، لكن البدء في التعامل مع دور النشر الأمريكية والبريطانية هو الأهم، ذلك لأهمية اللغة الإنجليزية على ما عداها، أما الأمور التي يجب على الوزارة التنبه إليها، فهي ضرورة التحضير والإعلان عن المعرض وبرنامجه الثقافي في وقت مبكر، التسويق له ولأنشطته باكراً، والاتفاق مع كتاب سعوديين وعرب وأجانب في وقت مبكر، منعاً للارتباك في البرنامج، والاستفادة من الكتاب العرب والأجانب بتنظيم حفلات توقيع كتبهم في المعرض. وبما أن الحديث عن حفلات توقيع الكتب، وهو عرف وتقليد عالمي، لا يرتبط بمعارض الكتب فحسب، بل بعد المحاضرات والندوات التي تقام للمؤلفين، أظن أن على الوزارة التخفف من الرقابة على حفلات التوقيع، وفرض منصة واحدة للجميع، بل لابد من منح الناشرين حق تنظيم حفلات التوقيع في أجنحتهم، لكي يكون المعرض أكثر حيوية، وتتوفر عشر حفلات توقيع أو أكثر، في وقت واحد، داخل المعرض. كما أتمنى أن يتم توفير أجهزة البحث الإلكتروني عن الكتب بشكل ميسر، وأن يُلزم الناشرون بتسجيل كافة عناوينهم، ليسهل البحث باسم المؤلف، أو الكتاب، أو الناشر، أو حتى الموضوع، لأن البحث أحياناً في غابة أجنحة كثيرة يصبح مستحيلاً. بقي أن أشيد بحب وتقدير، تجاه فكرة جائزة الكتاب، التي تم إقرارها هذا العام، مع أنني تمنيت أن تكون محددة الفروع، بشكل واضح وثابت، فكل جوائز العالم لها فروع وأنظمة، ولكن ما يشفع لهذا المشروع الوليد، أنه جاء في خطوته الأولى هذا العام، ولا شك أنه سيصبح أكثر تنظيماً في الأعوام القادمة.