في غالب الأحيان أسعدُ كثيراً حينما أحظى بلقاء شاب سعودي يعمل في مقهى داخل إحدى "المولات" التجارية، خاصة في مدينة كجدة وهي تكتظ بعدد كبير من المقيمين! فقد اعتدنا ألا نتناول قهوتنا التي نحب إلا من يد مقيم قدم إلينا لعمل "بسيط" براتب جيد! هذه حقيقة لم نستوعبها بعد، لكننا نصم آذاننا عن دعوات كثير من شركات البيع بالتجزئة لاستقطاب السعوديين وبلا اشتراط خبرة! فالشاب الذي يعمل خلف طاولة رخامية في مقهاه الفاخر ليحاسب الزبائن بقليل من البشاشة لم يأت بجهدٍ خرافي أو اختراع نادر وفق أدق التجارب! نمرّ بأزمات "بطالة" وشح وظائف يتمدد إلى أن فاق درجات كبيرة من النسب المئوية! فالتوظيف شبه متوقف، لكن امتداد العاطلين لا يتوقف! فهل نعي المرحلة الآنية بصعوبتها وتحدياتها؟ هل لا نزال ذلك المجتمع الذي أصبح (عقبة) تجاه الباحثين عن العمل في وظائف المقهى والمطعم؟ وبالمناسبة فأنا لا أتحدث عن أماكن وظيفية أو عملية في مستويات عادية، لكن أعني تلك الأماكن التي تصنف بالخمس نجوم! نعم .. إذ ليس وحدها الفنادق التي تخضع لهذه التصنيفات التجارية المهمة في مؤشرات السياحة، والتي بدورها تنعكس على الأداء المهني للكادر الوظيفي المنتمي إليها، فالرواتب أعلى، والمزايا تكثر بكثير عن قطاعات أهلية عديدة! فهل نحن كمجتمع ما زلنا ننظر إلى هذه الأعمال باعتبارها أعمالا دونية أو أقل من مستوى الطموح الذي نرتضيه؟ أم أننا نحاول "فهم" هذا الاختيار المهني ووضعه في قوائم الوظائف المرغوبة؟ من كل هذه الأسئلة العاصفة يولد سؤال هو صلب المقال: هل سوف نجد شبابا سعوديين "يطمحون" إلى وظيفة "نادل قهوة" على سبيل المثال لا الحصر؟ من وحي الأرقام -ولغة الأرقام لا تقبل الجدل- قد وصلت البطالة إلى ما نسبته 12.1 % باختلاف أعوام قليلة مضت! وهذه ليست دعوة من أجل إقحام "السعودي" في أي وظيفة والسلام! كلا.. بل أعني أننا وصلنا إلى وقت يجعلنا نعيد النظر في نظرتنا الاجتماعية "القاتمة" دائماً في وظائف مهنية تدر دخلا ليس ضعيفا.. ونعمل على بناء جيل لا يرى أدنى مشكلة إن عمل "نادل قهوة" بشرط أن تكون هذه الوظيفة "مرغوبة" ومطلوبة أيضا في قوائم وظائف الشركات التجارية! لكن المشكلة الحقيقية أن نرى شابا لا يجد حرجا في بيع "شاي الجمر" على الطرقات تحت الشمس الحارة ويمتنع عن "القبول" في وظيفة كنادل في مقهى "مرموق"، فهنا تكمن الحيرة!