منذ تأسيس بلادنا وتوحيدها على يد المؤسس الراحل الملك عبدالعزيز –رحمه الله– وبعد ترسيم الحدود وإنشاء المواني والمطارات باتت المملكة تستقبل القادمين عبر حدودها طلباً في زيارة الأماكن المقدسة لأداء الحج والعمرة وزيارة المسجد النبوي، وبعد اكتشاف النفط بكميات تجارية بدأ توافد العاملين في مجال استخراج النفط، ومع مرور الأيام والتقدم في جميع المجالات كالتعليم والصحة والخدمات البلدية والصناعة والزراعة زاد عدد الوافدين الباحثين عن العمل، وظلّت بلادنا لعقود من الزمن تستقبل من أجل زيارة الأماكن المقدسة والعمل فقط، لكن منذ ثلاثة عقود عرفت بلادنا زواراً قدموا ليس من أجل زيارة الأماكن المقدسة والعمل فقط وإنما من أجل الزيارة والسياحة واكتشاف بلادنا بما تحويه من كنوز أثرية وتراثية ومعالم مشهورة، وكانت البداية من مؤتمر السياحة الداخلية الذي أقيم في أبها عام 1417ه برعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- والذي أوصى بإنشاء هيئة للسياحة بمناسبة إطلاق أبها عاصمة للسياحة العربية، حيث صدر قرار مجلس الوزراء بتاريخ 1421ه، والذي قضى بإنشاء الهيئة العليا للسياحة تأكيداً على اعتماد السياحة قطاعاً إنتاجياً رئيساً في الدولة، خاصةً فيما يتعلق بجذب المواطن السعودي للسياحة الداخلية، وزيادة فرص الاستثمار وتنمية الإمكانات البشرية الوطنية وتطويرها وإيجاد فرص عمل جديدة للمواطن السعودي، وتمكنت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني -الهيئة العليا قديماً- خلال هذه الفترة من إتمام جميع متطلبات البناء النظامي، وبنت قطاعاً اقتصادياً حظي بالدعم الكامل، ونجحت في إحداث تحول في عدد من المسارات الصعبة ومن أبرزها نظرة المجتمع للسياحة وللآثار والتراث، وإعادة المكان إلى الإنسان. نمو سريع وعملت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بتضامن مع القطاعات الحكومية والخاصة والمجتمعات المحلية وأسست مبادئ جديدة ليس في علم الإدارة فقط ولكن أيضاً في علم التعاون وهو الأهم، وفي مقدمتها الشراكات التي واجهت انتقادات في بدايتها، لكن بعد هذه المرحلة والنجاح الذي حققته هذه الاتفاقيات والشراكات صارت معظم الجهات تحتذي هذا النموذج، وخلال هذه الفترة أيضاً تضاعف إسهام السياحة الوطنية في الناتج المحلي الإجمالي كأحد أكثر القطاعات الاقتصادية غير البترولية نمواً، فقد ارتفعت الإيرادات السياحية إلى (166.8) مليار في نهاية عام 2016م، وتجاوز عدد الرحلات السياحية المحلية في المملكة خلال عام 2016م 47.5 مليون رحلة مقارنة بنسبة ارتفاع تبلغ 2.3 %، بالعام 2015 الذي تجاوز عدد الرحلات السياحية المحلية فيه 46.5 مليون رحلة بإنفاق تجاوز 44.9 مليار ريالاً، وفي عام 2002م لم تكن هناك مجالس للتنمية السياحية والآن يوجد 17 مجلس تنمية سياحية يرأسها أصحاب السمو أمراء المناطق وعدد من محافظي المحافظات، وهي تشرف على جميع الأنشطة السياحية في المناطق على مدار العام، ويساندها أكثر من (70) لجنة تنمية سياحية في المحافظات، بالإضافة الى انضمام الهيئة لمجالس المناطق والمجالس المحلية في المحافظات، وشهد قطاع الإيواء السياحي بكافة فئاته نمواً سريعاً فاق النمو المتوقع للطلب، حيث تضاعف عدد المنشآت السياحية المرخصة منذ بدء إشراف الهيئة على قطاع الإيواء في عام 2009م، فارتفع عددها من 1402 منشأة إلى أن بلغ عددها في نهاية عام 2016م 6454 منشأة، بنسبة نمو (300 %) خلال هذه الفترة. عدة مراحل ومرت وزارة السياحة بعدة مراحل لتصل إلى هيكلها الحالي وتصبح الجهة الرسمية الأولى المسؤولة عن القطاع السياحي وقطاع التراث الوطني بالمملكة، حيث صدر قرار مجلس الوزراء بتاريخ 1421ه والذي قضى بإنشاء «الهيئة العليا للسياحة» تأكيداً على اعتماد السياحة قطاعاً إنتاجياً رئيساً في الدولة، خاصةً فيما يتعلق بجذب المواطن السعودي للسياحة الداخلية، وزيادة فرص الاستثمار وتنمية الإمكانات البشرية الوطنية وتطويرها وإيجاد فرص عمل جديدة للمواطن السعودي، وفي عام 1424ه صدر الأمر الملكي بضم «وكالة الآثار» إلى «الهيئة العليا للسياحة» لتصبح الهيئة مسؤولة عن كل ما يتعلق بقطاع الآثار إلى جانب مسؤوليتها عن القطاع السياحي، وفي 1429ه صدر قرار مجلس الوزراء بتغيير مسمى «الهيئة العليا للسياحة» ليصبح اسمها الجديد «الهيئة العامة للسياحة والآثار»، وفي عام 1436 الموافق 2015م قرر مجلس الوزراء الموافقة على تعديل اسم الهيئة العامة للسياحة والآثار إلى «الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني»، وفي عام 1441ه الموافق 2020م صدر أمر ملكي بتحويل الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني إلى وزارة السياحة. تطوير الصناعة إن للجهود الكبيرة التي بذلتها الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وشركائها منذ تأسيسها، لتنظيم صناعة السياحة الوطنية والتراث الحضاري والمحافظة على مخزون المملكة من التراث الوطني دور كبير في تسهيل مواكبة الهيئة لبرنامج التحول الوطني 2020، وما يحتويه من مشاريع وبرامج تساهم بشكل كبير في دعم صناعة السياحة الوطنية، حيث كانت الهيئة في طليعة مؤسسات الدولة المهيأة والجاهزة للاندماج السريع والمرن مع رؤية المملكة 2030، وما تضمنته من مبادرات رئيسة لتطوير صناعة السياحة والتراث الحضاري لكونها أحد أهم القطاعات الاقتصادية الداعمة للناتج الوطني، وبالإضافة إلى البرامج الموازية التي تقدمها الجهات الحكومية التي وقعت معها الهيئة اتفاقيات تعاون، وأقرت الدولة مؤخراً برنامجين رئيسين لتمويل مشاريع السياحة والتراث الوطني ضمن مبادرات التحول الوطني 2020، وهما مبادرة إقراض المشاريع السياحية والفندقية مع وزارة المالية بمبلغ 2.7 مليار ريال، ومبادرة ضمان التمويل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة مع برنامج كفالة بمبلغ 270 مليون ريال تضخ في رأس مال البرنامج وينتج عنها تمويل يصل إلى 1.5 مليار ريال. خيارات ترفيهية وتأسست هيئة الترفيه في المملكة عام 2016، كجزء من الجهود الواسعة التي تقودها المملكة ضمن رؤية 2030، والتي تهدف إلى تحويل الاقتصاد السعودي وتنوعه بعيدًا عن الاعتماد على النفط، وتلعب الهيئة دورًا محوريًا في تطوير قطاع الترفيه، حيث تسعى لتقديم خيارات ترفيهية متنوعة وعالية الجودة للمواطنين والمقيمين على حد سواء منذ إنشائها، وشهدت الهيئة تطورات ملحوظة في تنظيم واستضافة فعاليات متنوعة مثل: الحفلات الموسيقية العالمية، والمهرجانات الثقافية، والعروض الرياضية، كما كان لها دور بارز في إعادة فتح دور السينما في البلاد بعد حظر دام لعقود، ما مثل علامة فارقة في مسيرة التحديث الثقافي والاجتماعي للمملكة، وتعمل الهيئة أيضًا على تعزيز الصناعة الترفيهية من خلال التعاون مع شركاء دوليين وجذب الاستثمارات في هذا القطاع، كل هذه الجهود تسهم في تعزيز مكانة المملكة كوجهة رئيسة للسياحة والترفيه في المنطقة، وهذه الخطوات تعكس التزام الهيئة بتطوير قطاع الترفيه والارتقاء به إلى مستويات عالمية، مع الحفاظ على القيم والتقاليد الثقافية للمملكة، وهكذا تُسهم هيئة الترفيهية بشكل فعال في رسم ملامح المستقبل الثقافي والاجتماعي للمملكة، متبنيةً رؤية طموحة تعمل على تحقيقها في ظل التحديات والفرص المتجددة، وتعتبر الهيئة العامة للترفيه من أبرز الجهات المسؤولة عن تنظيم وتنفيذ فعاليات ترفيهية متنوعة في مختلف أنحاء البلاد، حيث يتميز موسم الرياض بتنظيم فعاليات مميزة وحفلات غنائية كبيرة تضم العديد من الفنانين المحليين والعالميين، ويتيح هذا الموسم فرصة استثنائية للمتعة والتسلية للجماهير السعودية وزوار المملكة. حدث عالمي ومن أبرز الفعاليات التابعة لهيئة الترفيه موسم الرياض، وهو مهرجان ترفيهي عالمي يقام في عاصمة المملكة، ويُعد واحدًا من أكبر الفعاليات الشتوية في العالم، ويهدف إلى تحويل الرياض إلى وجهة سياحية عالمية جاذبة، وتحقيق أهداف برنامج جودة الحياة كجزء من رؤية 2030، وبدأ موسم الرياض لأول مرة في عام 2019 واستقطب أكثر من 10 ملايين زائر، وتواصلت الفعاليات في الأعوام اللاحقة، حيث حقق موسم 2022 نجاحًا هائلًا بجذب أكثر من 15 مليون زائر، كما أن موسم الرياض لعام 2023 قام تحت شعار «مغامرة بوليفارد وورلد»، وضم الموسم 15 منطقة ترفيهية متنوعة، حيث يمكن للزوار الاستمتاع بتجارب فريدة من نوعها. حِرف وصناعات وشهدت السنوات الماضية تطوراً سريعاً في الموافقة على الأنظمة واللوائح المتعلقة بالسياحة والتراث الوطني، حيث صدرت موافقة المقام السامي الكريم على عدد من القرارات المهمة من بينها اعتماد نظام للسياحة، واعتماد نظام للآثار والمتاحف والتراث العمراني، واعتماد نظام للمشاركة بالوقت في الوحدات العقارية السياحية، والتوجيه بدراسة مشروع نظام للحرف والصناعات اليدوية من الجهات العليا، والاهتمام بالتراث الوطني لتتوج الجهود بإقرار برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري للمملكة، وهو من البرامج الوطنية المهمة التي لاقت اهتماماً كبيراً ليس على المستوى المحلي فقط، بل على المستوى الدولي، ويهدف إلى تعزيز روح المواطنة من خلال رفع وعي المواطن بقيمة وأهمية تراثنا الحضاري والإنساني، وإنجازاتنا الممتدة عبر التاريخ، والعمل على تأهيل المواقع الأثرية والتاريخية والقرى والبلدات التراثية لتكون موارد اقتصادية غير ناضبة، وفرص عمل للمواطنين، وخلال هذه الفترة تم تأسيس عدد من البرامج والمراكز المتخصصة في أنشطة ومجالات السياحة والتراث الوطني وهي مركز التراث العمراني الوطني، البرنامج الوطني للحرف والصناعات اليدوية -بارع-، البرنامج الوطني للمعارض والمؤتمرات، برنامج العناية بالمساجد التاريخية بالشراكة مع الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، كما تم إنشاء جمعيات سياحية هي الجمعية السعودية لمرافق الإيواء السياحي، والجمعية السعودية للمرشدين السياحيين، والجمعية السعودية للسفر والسياحة، وجمعية المعارض والمؤتمرات، وجمعية الحرف والصناعات التقليدية. دور كبير وللجهود الكبيرة التي بذلتها وزارة السياحة منذ تأسيسها، لتنظيم صناعة السياحة الوطنية والتراث الحضاري والمحافظة على مخزون المملكة من التراث الوطني، دور كبير في تسهيل مواكبة برنامج التحول الوطني 2020، وما يحتويه من مشاريع وبرامج تساهم بشكل كبير في دعم صناعة السياحة الوطنية، حيث كانت الوزارة في طليعة مؤسسات الدولة المهيأة والجاهزة للاندماج السريع والمرن مع رؤية المملكة 2030، وما تضمنته من مبادرات رئيسة لتطوير صناعة السياحة والتراث، كما ساهمت الهيئة العامة للترفيه في تطوير صناعة الترفيه بالمملكة وتنويع الخيارات الترفيهية المتاحة للجمهور، بحيث تصبح صناعة الترفيه محورًا مهمًا في الاقتصاد الوطني، إذ تسعى الهيئة إلى تعزيز الثقافة والفنون في المملكة من خلال تنظيم العروض الثقافية والفنية والمهرجانات التي تعكس التراث والهوية الوطنية، كما تعمل الهيئة على جذب الاستثمارات الدولية في قطاع الترفيه، وتعزيز التعاون مع شركات وجهات دولية لجلب فعاليات ومشاريع ترفيهية عالمية المستوى، كما تهدف الهيئة إلى جعل المملكة وجهة متميزة للسياحة الثقافية والترفيه، مما يسهم في تعزيز القطاع السياحي بالبلاد، وتلتزم الهيئة بتحقيق هذه الأهداف من خلال تنظيم ودعم مجموعة متنوعة من الفعاليات والمشاريع الترفيهية والثقافية التي تسهم في تعزيز مكانة المملكة على الساحة الإقليمية والعالمية كمركز للترفيه والثقافة. زاد حضور الوافدين بعد ظهور النفط وتطور البلاد زيارة السيّاح للمواقع الأثرية في المملكة استقبال ضيوف الرحمن على مدار العام فعاليات ترفيهية متنوعة إعداد: حمود الضويحي