طغت بعض الأمور ذات الشأن الاقتصادي على السطح مؤخرا وانعكست على الأوضاع الداخلية وأصبحت حاضرة وبقوة عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي فنالت نوعا من التفاوت بالرضا أو القبول لهذا المنحى غير المألوف في المملكة العربية السعودية. فهناك أمور لفتت نظر المواطن بجدية، وثانية أضحكته، أما الثالثة فهي تتحدث عن عطائه وإخلاصه في عمله فعبر عنها البعض بالاستياء والسخرية، أما البعض الآخر فأخذها على محمل الجد لكونها تصف فئة من الناس وليس عامتهم. إن المصارحة التي كشف عنها الوزراء الثلاثة على طاولة برنامج الثامنة والتي تناولوا من خلالها الشأن الداخلي والوضع الاقتصادي للمملكة، فتلك المصارحة من وجهة نظري الشخصية كانت إيجابية وهذا ما يريده المواطن. إن هذه التجاذبات بين المواطن والمسؤول كان سببها إلقاء حجر في مياه راكدة. فلم يتعود المواطن مثل هذه التصريحات المباشرة التي تمس حياته المعيشية ومصدر رزقه الكريم، ولكن عندما نقول كان في الإمكان أفضل مما كان ليس عتبا على هؤلاء الوزراء، ولكن لأن الإعلام الوطني الحقيقي هو النقد الهادف الذي يبرز الحدث ويناقشه بروية وتأن، بعيدا عن العصبية الزائدة أو التشنج.. هو أكثر بكثير من انتقاد مسؤول أو النيل منه على مصارحته التي لابد أن يقولها يوما من الأيام علنا، فعند النظر إلى بعض الموظفين الذين لا يعون حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم من ناحية ممارسة عملهم بكل صدق وأمانة وهو ما حث عليه الدين الحنيف وسنة نبيه، نجد البعض الآخر من الموظفين يجاهد مع النفس لكي يحافظ على مواعيده ويتقن عمله، متسلحا بقول خير البشر (صلى الله عليه وسلم): "إذا عمل منكم عملاً فليتقنه"، وكذلك قول: "إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً". فشتان بين هذين النموذجين، فالأول مرفوض وغير منتج، أما النموذج الثاني فإن الإنتاجية والمثالية اللتين يتحلى بهما الغالبية العظمى من الموظفين والموظفات وهم أصحاب الحق والتقدير ومبدأ تكافأ الفرص فيما بينهم في الدورات والترقيات وهم لله الحمد والمنة كثر. ورغم أن الإجراءات البيروقراطية لا تزال تعشعش داخل بعض أجهزتنا ويجب تطويرها من قبل القائمين عليها وتطبيق مبدأي الثواب والعقاب لكي ينال كل ذي حق حقه ويكافأ على صنعه ماليا ومعنويا، فنعم الله سبحانه على بلادنا لا تعد ولا تحصى، ولكن أحيانا تنال الظروف من بعض ما نتمتع به من بحبوحة من العيش، وقد قال تعالى: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين). فالصبر والاحتساب نعمة وهناك نعمة أخرى وهي نعمة الأمن والأمان. ورغم ما يحيط بنا من أزمات وما نمر به من ظروف اقتصادية عالمية وفتن خارجية لا زالت الدولة أعزها الله قائمة في التزاماتها وبأفعالها الملموسة ومواقفها المشرفة وتبذل الغالي والنفيس في سبيل رفع شأن الإسلام والمسلمين وحماية مقدساتهم والدفاع عنها والذود عن حمى الوطن. ولذلك علينا أن نتوخى الحذر ولا نلتفت لمن يحاول الاصطياد في الماء العكر، والوقوف صفا واحدا خلف قيادتنا ورجالها الأوفياء.. وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم.