تزامنا مع عمليات طرد متمردي داعش في العراق وسورية، قد يتجاهل العالم أوضاع التنظيم المتمركز في مدينة سرت الليبية، التي تعد آخر معقل له في البلاد، حيث إن الضربات الجوية من قبل الطائرات الأميركية مع عمليات قوات "البنيان المرصوص" على الأرض، حدت بشكل كبير من تحركات المتطرفين، إلا أنها لم تستطع حتى اللحظة القضاء عليه بشكل نهائي. وقالت صحيفة "واشنطن بوست" إن وزارة الدفاع الأميركية رصدت هروب عشرات العناصر المتطرفة من المدينة، وشرعت في وضع خطط مستحدثة، من أجل توسيع نطاق الضربات الجوية، لتعقب المقاتلين، ومنعهم من إعادة التمركز في مناطق أخرى. وأشارت الصحيفة إلى أن المعلومات الاستخباراتية وفرتها طائرات مراقبة فوق سرت ومناطق أخرى جنوب ليبيا، حيث رصدت تحرك مئات من مقاتلي التنظيم خارج سرت، ويعتقد أنهم ليسوا من القيادات الكبرى، لافتة إلى أن القوات الأميركية تخشى أن تنفذ تلك العناصر هجمات انتقامية ضد القوات الليبية. الخوف على المدنيين ألمحت الصحيفة إلى أن المستشارين الأمنيين بإدارة الرئيس باراك أوباما، يرغبون في مزيد من التحركات من قبل قيادة القوات الأميركية في إفريقيا "أفريكوم" لتعقب مقاتلي داعش، إلا أن عملية جمع وتحليل المعلومات الاستخباراتية قد تحتاج إلى مزيد من الوقت لتفادي وقوع إصابات بين المدنيين، وهو الأمر الذي قد يدفع بشركاء واشنطن في العمليات، إلى سحب دعمهم فيها. ونقل التقرير بحسب مصادر أميركية خاصة، أن قرار تمديد العمليات العسكرية الأميركية في ليبيا، جاء بسبب القيود المفروضة على الضربات الجوية لتفادي وقوع إصابات بين المدنيين، في وقت أكدت فيه "أفريكوم"، أن العمليات الجوية الأميركية لم توقع أية إصابات بين المدنيين حتى الآن. صعوبة الحسم تؤكد الإدارة الأميركية أن عملياتها العسكرية في سرت ومحيطها أتت تلبية لطلب حكومة الوفاق، لتطهير الأراضي الليبية المتبقية من قبضة التنظيم، في وقت أكدت فيه القيادة العسكرية أن الخبراء يعملون بشكل حثيث على تحليل الصور والمواقع لمنع أي انتهاكات قد تطال المدنيين. من جانبه، استبعد الباحث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ماتيو توالدو، القضاء نهائيا على داعش في سرت التي تعد أعتى معقل له خارج الحدود السورية والعراقية، متوقعا أن يلجأ التنظيم إلى استخدام تكتيكات إرهابية وهجمات انتقامية خارج المدينة، خصوصا أنه لا توجد قوة أمنية موحدة أو جيش متحد يكون قادرا على مواجهة تلك الهجمات. وخلص تقرير الصحيفة بالتحذير من أن حالة الفوضى وعدم الاستقرار الليبي التي امتدت منذ عام 2011، هي أولى العقبات التي حالت دون نجاح القضاء على التنظيم المتطرف أو دفعه للهروب خارج حدود الدولة، الأمر الذي يعتبر فخا وعائقا للقوات الأميركية، يصعب عليها الخروج منه بسهولة، بدليل أنها نفذت ما يقرب من 360 ضربة جوية لمواقع تمركز المتطرفين في سرت، الذين لا تتجاوز أعدادهم 100 عنصر، ولم تستطع حسم المعركة بشكل أو بآخر.