أعلنت مجموعات «الحشد الشعبي» انطلاق معركة لاستعادة مدينة تلعفر، غرب الموصل، بالتزامن مع إعلان التحالف الدولي إيقاف العمليات، فيما تتبادل طهران وأنقرة رسائل عنيفة حول مستقبل الموصل، يشمل بعضها التهديد في الكواليس بقاعدة عسكرية إيرانية في القيارة جنوباً، إذا أصرت تركيا على قاعدة بعشيقة شرقاً. وأعلنت قوات «الحشد الشعبي» أنها حققت تقدماً سريعاً بعد ساعات من انطلاق عملياتها في المحور الغربي للموصل في محاولة لمحاصرة تنظيم «داعش» وقطع آخر خطوط إمداده مع سورية. وتأتي التطورات رغم إعلان «التحالف الدولي» أول من أمس وقف العمليات البرية ليومين ضمن الخطة المرسومة «بغية ترسيخ النجاحات المتحققة»، وسط هواجس من تصاعد الخلافات حول مستقبل المدينة، مع دخول «الحشد الشعبي» في الحملة العسكرية للمرة الأولى منذ انطلاقها قبل أسبوعين. وقال الناطق باسم «الحشد» أحمد الأسدي خلال مؤتمر صحافي عقده في بغداد أمس أن «قواتنا التي يشارك فيها أبناء المناطق، تمكنت في الساعات الأولى من انطلاق عملياتها في غرب نينوى من تحرير عشر قرى». وأضاف الأسدي أن قوات «الحشد» تعتزم عبور الحدود إلى سورية للقتال مع نظام الرئيس بشار الأسد بعد طرد مقاتلي «داعش» من العراق. وقال: «إننا في العراق وبعد تطهير كل أرضنا من هذه العصابات الإرهابية نحن على استعداد تام للذهاب إلى أي مكان يكون فيه تهديد للأمن القومي العراقي». وتكمن أهمية قضاء تلعفر، لوقوعه في منتصف الطريق الرابط بين الموصل وسورية، والبالغ طوله أكثر من 160 كلم، فيما يبعد القضاء عن مركز المدينة نحو 65 كلم. ووفق المصادر، فإن السيطرة على تلعفر تهدف إلى حصر عناصر تنظيم «داعش» داخل الموصل وإجبارهم على خوض المعركة الحاسمة في أزقة المدينة ومنعهم من التوجه إلى سورية، وهو ما ترفضه قيادات سنّية وكردية وأخرى أميركية وتركية، تطالب بدفع التنظيم إلى خارج الموصل تجنباً لتدميرها على غرار ما يحصل في مدينة حلب. وترى هذه المصادر أيضاً أن تسليم ملف غرب الموصل إلى «الحشد الشعبي»، أثار حفيظة تركيا التي سبق أن هددت على لسان وزير الخارجية مولود جاوش أوغلو بالتدخل في حال مشاركة «الحشد» في معركة تلعفر التي تقطنها غالبية تركمانية من السنّة والشيعة. ويؤكد مطلعون على أجواء الصراعات حول الموصل أن إيران هددت في اتصالات مع مسؤولين عراقيين بالتدخل العسكري المباشر وتحويل القيارة (جنوب الموصل) إلى قاعدة عسكرية، في حال أصرت تركيا على البقاء في بعشيقة (غرب) كقاعدة دائمة لها، أو تحول نفوذها مستقبلاً باتجاه تلعفر، وأن مسؤولين حكوميين أبلغوا تركيا بحساسية الموقف الإيراني تجاه القضية. وتتردد مخاوف في أوساط رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي من تصاعد النزاع الإيراني - التركي في شأن معركة الموصل، فيما علق سياسي مقرب من العبادي بالقول: «إن إعلان إيران أخيراً رغبتها في التوسط بين بغداد وأنقرة حول خلافهما في شأن معسكر بعشيقة، كان بمثابة نكتة في الأوساط الرسمية العراقية». ويتم الربط باستمرار بين طريقة الدعم الأميركي لمعركة الموصل، والموقف السياسي النهائي من وضع المدينة، فالولايات المتحدة لا تنوي توفير غطاء جوي لقوات «الحشد الشعبي»، كما أن المصادر تؤكد أن واشنطن قررت إيقاف العمليات العسكرية تمهيداً لبحث تسوية سياسية حول تلعفر ومعسكر بعشيقة، ولا ترغب القيادات الأميركية في معركة سريعة في الموصل هذه المرة يتم بعدها فتح صراع تركي - إيراني عسكري علني حول المدينة.